أَخْبَارِ قَزْوِينَ» (3/ 52)، وَالْمِزِّيُّ «تَهْذِيبُ الْكَمَالِ» (30/ 141) مِنْ طُرُقٍ عَنْ هَانِئِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُمِّهِ حُمَيْضَةَ بِنْتِ يَاسِرٍ عَنْ جَدَّتِهَا يُسَيْرَةَ، وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ قَالَتْ: قَالَ لَنَا رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يا نِسَاءَ المُؤمِنَاتِ عَلَيْكُنَّ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّقْدِيسِ، وَلا تَغْفُلْنَ فَتَنْسَيْنَ الرَّحْمَةَ، وَاعْقِدْنَ بِالأَنَامِلِ، فَإِنَّهُنَّ مَسْئُولاتٌ مُسْتَنْطَقَاتٌ».
قُلْتُ: وَفِي إِسْنَادِ الْحَدِيثِ حُمَيْضَةُ بِنْتُ يَاسِرٍ، إِحْدَى الْمَجْهُولاتِ اللاَّتِي لَمْ يَرْوِ عَنْهُنَّ إِلاَّ رَاوٍ وَاحِدٌ، مِمَّنْ تَفَرَّدَ ابْنُ حِبَّانَ بِتَوْثِيقِهَّنَ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ «تَقْرِيبُ التَّهْذِيبِ» (1/ 746/8570) عَنْهَا: «مَقْبُولَةٌ مِنَ الرَّابِعَةِ».
فَسَبِيلُهَا فِى قَبُولِ حَدِيثِهَا كَسَبِيلِ حُكَيْمَةَ بِنْتِ أُمَيَّةَ بْنِ الأَخْنَسِ لا يَفْتَرِقَانِ فِى شَيْئٍ الْبَتَّةَ، كِلْتَاهُمَا تَابِعِيَّةٌ مَجْهُولَةٌ لَمْ يُوَثَّقْهَا غَيْرُ ابْنِ حِبَّانَ، وَقَالَ عَنْهُمَا ابْنُ حَجَرٍ: «مَقْبُولَةٌ»، فَكَيْفَ فَرَّقَ الأَلْبَانِيُّ بَيْنَهُمَا، فَحَسَّنَ حَدِيثَ حُمَيْضَةَ، وَضَعَّفَ حَدِيثَ حُكَيْمَةَ؟!.
عَلَى أَنَّ ثَمَّةَ أَمْرٍ آخَرَ زَائِدٍ فِى حَدِيثِ حُمَيْضَةَ، الَّذِي رضيه الأَلْبَانِيَّ وَحَسَّنَهُ: أَنَّ فِى إِسْنَادِهِ هَانِئَ بْنَ عُثْمَانَ الْجُهَنِيَّ، وَلَمْ يُوَثِّقْهُ إِلاَّ الإِمَامُ الْجِهْبِذُ ابْنُ حِبَّانَ، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِى «التَّقْرِيبِ» عَنْهُ: «مَقْبُولٌ». فَلِمَاذَا اعْتَمَدُهُ الأَلْبَانِيُّ، وَتَنَاسَى مَا يُكْثُرُ أَنَّ يُعَلِّلَ بِهِ تَضْعِيفَ الْمَجَاهِيلِ بِقَوْلِهِ: «ابْنُ حِبَّانَ مُتَسَاهِلٌ فِى التَّوْثِيقِ»!.
وَعِنْدِيَ أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الْحَدِيثَيْنِ: حَدِيثِ حُكَيْمَةَ وَحَدِيثِ حُمَيْضَةَ وَاحِدٌ، كِلاهُمَا صَحِيحٌ، وَلا يَضُرُّهُمَا تَفَرَّدُ ابْنِ حِبَّانَ بِتَوْثِيقِهِمَا.
وَلْنَذْكُرْ مِثَالاً آخَرَ شَبِيهً بِسَابِقِهِ، أَوْ قَرِيباً مِنْهُ:
ذَكَرَ الشَّيْخُ الألبانِيُّ فِى «السِّلْسِلَةِ الصَّحِيحَةِ» (ح307) حَدِيثَ: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى إِحْدَى خِصَالٍ ثَلاثَةٍ: تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى مَالِهَا، وَتُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى جَمَالِهَا، وَتُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى دِينِهَا، فَخُذْ ذَاتَ الدِّينِ وَالْخُلُقِ، تَرِبَتْ يَمِينُكَ».
فَقَالَ: «أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ (1231)، وَالْحَاكِمُ (2/ 161)، وَأَحْمَدُ (3/ 80) مِنْ طَرِيقِ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ عَمِّتِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَذَكَرَهُ.
وَقَالَ الْحَاكِمُ: «صَحِيحُ الإِسْنَادِ»، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ.
فَرَضِيَ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ ذَلِكَ مِنْهُمَا، وَأَقَرَّهُ، وَقَوَّاهُ، وَنَصَرَهُ، وَصَحَّحَهُ بِقَوْلِهِ: «رِجَالُهُ ثِقَاتٌ مَعْرُوفُونَ غَيْرُ عَمِّةِ سَعْدٍ، وَاسْمُهَا زَيْنَبُ بِنْتُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، رَوَى عَنْهَا: ابْنَا أَخَوَيْهَا سَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ ابْنَا كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ. ذَكَرَهَا ابْنُ حِبَّانَ فِى «كِتَابِ الثِّقَاتِ». وَهِيَ زَوْجَةُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، ذَكَرَهَا ابْنُ الأَثِيْرِ، وَابْنُ فَتْحُونَ فِى الصَّحَابَةِ. وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: «مَجْهُولَةٌ» كَمَا فِى «الْمِيزَانِ» لِلذَّهَبِىِّ، وَأَقَرَّهُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ وَافَقَ الْحَاكِمَ عَلَى تَصْحِيحِهِ» اهـ.
¥