تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَأَقُولُ: فَالأَلْبَانِيُّ هَاهُنَا يَعْتَمِدُ تَصْحِيحَ ابْنِ حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ، عَلَى أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ لَمْ يُوَثِّقْهَا إِلاَّ ابْنُ حِبَّانَ وَحْدَهُ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ «تَقْرِيبُ التَّهْذِيبِ» (1/ 746/8570) عَنْهَا: «مَقْبُولَةٌ مِنَ الثَّانِيَةِ»!.

فَإِنْ قِيلَ: إِنَّمَا وَثَّقَهَا لِكَوْنِهَا صَحَابِيَّةً، لِذِكْرِ ابْنِ الأَثِيْرِ، وَابْنِ فَتْحُونَ إِيَّاهَا فِى الصَّحَابَةِ، وَشُهْرَةِ الصَّحَابِيَّاتِ وَاسْتِفَاضَةِ الثِّقَةِ بِهِنَّ قَاضِيَةٌ بِرَفْعِ الْجَهَالَةِ وَإِثْبَاتِ تَوْثِيقِهِنَّ، فَلا يُحْتَاجُ عِنْدَئِذٍ إِلَى تَوْثِيقِ ابْنِ حِبَّانَ، أَوْ غَيْرِهِ.

فَأَقُولُ: فَلِمَ عَقَّبَ بِقَوْلِهِ: قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: «مَجْهُولَةٌ» كَمَا فِى «الْمِيزَانِ» لِلذَّهَبِىِّ، وَأَقَرَّهُ؟.

وَأُجِيبُ: ذَلِكَ لِقُوَّةِ الْخِلافِ فِى إِثْبَاتِ الصُّحْبَةِ لَهَا، فَالأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهَا تَابِعِيَّةٌ. وَالْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ نَفْسَهُ الَّذِي اعْتَمَدَ عَلَيْهِ الأَلْبَانِيُّ فِيمَا نَقَلَهُ عَنِ ابْنِ الأَثِيْرِ، وَابْنِ فَتْحُونَ مِنَ الْقَوْلِ بِصُحْبَتِهَا فِى «تَهْذِيبِهِ» (12/ 451)، قَالَ فِى «تَقْرِيبهِ» (2/ 600): «مَقْبُولَةٌ مِنَ الثَّانِيَةِ، وَيُقَالُ: لَهَا صُحْبَةٌ».

فَقَوْلُهُ «مَقْبُولَةٌ مِنَ الثَّانِيَةِ» يَعْنِي جَزْمَهُ بِتَابِعِيَّتِهَا، إِذْ لا يَقُولُ فِى صَحَابِيَّةٍ «مَقْبُولَة»، فَالصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ عِنْدَهُ فِى الطَّبَقَةِ الأُولَى، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَهِيَ طَبَقَةُ كِبَارِ التَّابِعِينَ، كَابْنِ الْمُسَيَّبِ، وَقَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، وَأَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، وَأَبِي وَائِلٍ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ مِنَ الرِّجَالِ، وَكَخَيْرَةَ أُمِّ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَصَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَأُمِّ بِلالِ بِنْتِ هِلالٍ مِنَ النِّسَاءِ.

وَقَالَ أَبُو زَكَرِيَّا النَّوَوِيُّ «تَهْذِيبُ الأَسْمَاءِ» (2/ 613): «زَيْنَبُ بِنْتُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ. مَذْكُورَةٌ فِى بَابِ الْمُعْتَدِّةِ مِنَ «الْمُهَذَّبِ». وَهِيَ تَابِعِيَّةٌ، تَرْوِي عَنِ الْفُرَيْعَةَ بِنْتِ مَالِكٍ. يَرْوِي عَنْهَا: ابْنُ أَخِيهَا سَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ».

كَمَا أَشَارَ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ إِلَى تَابِعِيَّتِهَا فِى «الْكَاشِفِ» (2/ 508) بِقَوْلِهِ: «وُثِّقَتْ»، فَلَوْ كَانَتْ صَحَابِيَّةً مَا قَالَهَا. وَلِهَذَا لَمَّا نَقَلَ قَوْلَ ابْنِ حِزْمٍ «مَجْهُولَةٌ» فِى «الْمِيزَانِ» لَمْ يَتَعَقَّبْهُ بِنَفْي الْجَهَالَةِ عَنْهَا.

وَالْخُلاصَةُ: فَزَيْنَبُ بِنْتُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ تَابِعِيَّةٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِنَّمَا اعْتَمَدَ الْحُفَّاظُ تَصْحِيحَ حَدِيثِهَا لِتَوْثِيقِ ابْنِ حِبَّانَ إِيَّاهَا، وَلِهَذَا ذَكَرَ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ تَوْثِيقَهُ فِى مَعْرِضِ الاحْتِجَاجِ لِقَبُولِ حَدِيثِهَا دَفْعَاً لِتَجْهِيلِ ابْنِ حَزْمٍ إِيَّاهَا، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِقَبُولِ تَوْثِيقِهِ تَمَسُّكَاً بِقَاعَدِتِهِ: «ابْنُ حِبَّانَ مُتَسَاهِلٌ فِى تَوْثِيقِ الْمَجَاهِيلِ»!.

وَأَمَّا جَعْلُ الأَلْبَانِيِّ رَحِمَهُ اللهُ قَوْلَ الْحَافِظِ عَنْ حُكَيْمَةَ «مَقْبُولَةٌ» دَالَّةً عَلَى تَضْعِيفِ الْحَافِظِ لَهَا إِذْ لَمْ تُتَابَعْ، فَهُوَ خَطَأٌ مُخَالِفٌ لِدِلالَةِ هَذَا الْمُصْطَلَحِ لَدَى الْحَافِظِ!.

وَقَدْ بَيَّنْتُهُ بَيَانَاً شَافِيَاً فِى كِتَابِي «الْمَنْهَجُ الْمَأْمُولِ بِبَيَانِ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ حَجَرٍ مَقْبُولُ».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير