تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فَلِمَاذَا وَافَقَهُمُ الأَلْبَانِيُّ هَاهُنَا، وَخَالَفَ مَذْهَبَهُ فِى تَضْعِيفِ حَدِيثِ الْمَجْهُولاتِ وَالْمَقْبُولاتِ، وَعَدَمِ الاعْتِبَارِ بِتَوْثِيقِ ابْنِ حِبَّانَ إذَا تَفَرَّدَ؟!. وَلِمَاذَا لَمْ يَقُلْ كَمَا قَالَ عَنْ حُكَيْمَةَ آنِفَاً: «وَعِلَّتُهُ عِنْدِيَ حُمَيْضَةُ بِنْتُ يَاسِرٍ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِالْمَشْهُورَةِ، وَلَمْ يُوَثِّقْهَا غَيْرُ ابْنِ حِبَّانَ، وَقَدْ نَبَّهْنَا مِرَارَاً عَلَى مَا فِى تَوْثِيقِهِ مِنَ التَّسَاهُلِ، وَلِهَذَا لَمْ يَعْتَمِدْهُ الْحَافِظُ، فَلَمْ يُوَثِّقْهَا، وَقَالَ فِى «التَّقْرِيبِ»: «مَقْبُولَةٌ» يَعْنِي عِنْدَ الْمُتَابَعَةِ، وَلَيْسَ لَهَا مُتَابِعٌ هَاهُنَا، فَحَدِيثُهَا ضَعِيفٌ غَيْرُ مَقْبُولٍ عِنْدِي»!.

وَهَذَا الْقُوْلِ لَيْسَ لَنَا، وَلا مِنْ مَذْهَبِنَا فِي جَرْحِ الْمَقْبُولاتِ، وَتَوْهِينَ أَخْبَارِهِنَّ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ إِلْزَامِ الشَّيْخِ بِلازَمِ قَوْلِهِ، لِئَلا تَتَضَارَبَ أَحْكَامُهُ عَلَى الأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ، وَإِلاَّ فَقَبُولُ رِوَايَةِ كُلٍّ مِنَ حُمَيْضَةَ وَحُكَيْمَةَ، وَاعْتِمَادِ تَوْثِيقِهِمَا هُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ النَّظَرِ الصَّحِيحِ، فَلَيْسَ بَيْنَهُمَا تَبَايُنٌ بِحَالٍ تُوجُبُ الْفَرْقَ فِي الْحُكْمِ.

وَمِنَ الإِفَادَةِ التَّوَسُّعُ فِي تَخْرِيْجِ حَدِيثِ حُمَيْضَةَ بِنْتِ يَاسِرٍ:

فَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ «الطَّبَقَاتُ الْكُبْرَى» (8/ 310)، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ (2/ 160/7656 و6/ 53/29414 و7/ 168/35038)، وَأَحْمَدُ (6/ 370)، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ (1/ 199:198)، وَالدُّورِيُّ «تَارِيْخُ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ» (3/ 51/206)، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ «الْمُنْتَخَبُ» (1570)، وَأَبُو دَاوُدَ (1501)، وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ «الآحَادُ وَالْمَثَانِي» (6/ 73/3285)، وَابْنُ حِبَّانَ، وَأَبُو طَالِبٍ ابْنُ غَبْلانَ «الْغَيْلانِيَّاتُ»، وَالطَّبَرَانِيُّ «الْكَبِيْرُ» (25/ 74/180) و «الأَوْسَطُ» (5/ 182/5016) و «الدُّعَاءُ» (1663)، وَأَبُو نُعَيْمٍ «الْحِلْيَةُ» (2/ 68)، وَالْحَاكِمُ (1/ 547)، والبيهقِيُّ «الدَّعَوَاتُ الْكَبِيْرُ» (266)، وَالرَّافِعِيُّ «التَّدْوِينُ فِى أَخْبَارِ قَزْوِينَ» (3/ 52)، وَالْمِزِّيُّ «تَهْذِيبُ الْكَمَالِ» (30/ 141) مِنْ طُرُقٍ عَنْ هَانِئِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُمِّهِ حُمَيْضَةَ بِنْتِ يَاسِرٍ عَنْ جَدَّتِهَا يُسَيْرَةَ، وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ قَالَتْ: قَالَ لَنَا رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يا نِسَاءَ المُؤمِنَاتِ عَلَيْكُنَّ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّقْدِيسِ، وَلا تَغْفُلْنَ فَتَنْسَيْنَ الرَّحْمَةَ، وَاعْقِدْنَ بِالأَنَامِلِ، فَإِنَّهُنَّ مَسْئُولاتٌ مُسْتَنْطَقَاتٌ».

قُلْتُ: وَفِي إِسْنَادِ الْحَدِيثِ حُمَيْضَةُ بِنْتُ يَاسِرٍ، إِحْدَى الْمَجْهُولاتِ اللاَّتِي لَمْ يَرْوِ عَنْهُنَّ إِلاَّ رَاوٍ وَاحِدٌ، مِمَّنْ تَفَرَّدَ ابْنُ حِبَّانَ بِتَوْثِيقِهَّنَ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ «تَقْرِيبُ التَّهْذِيبِ» (1/ 746/8570) عَنْهَا: «مَقْبُولَةٌ مِنَ الرَّابِعَةِ».

فَسَبِيلُهَا فِى قَبُولِ حَدِيثِهَا كَسَبِيلِ حُكَيْمَةَ بِنْتِ أُمَيَّةَ بْنِ الأَخْنَسِ لا يَفْتَرِقَانِ فِى شَيْئٍ الْبَتَّةَ، كِلْتَاهُمَا تَابِعِيَّةٌ مَجْهُولَةٌ لَمْ يُوَثَّقْهَا غَيْرُ ابْنِ حِبَّانَ، وَقَالَ عَنْهُمَا ابْنُ حَجَرٍ: «مَقْبُولَةٌ»، فَكَيْفَ فَرَّقَ الأَلْبَانِيُّ بَيْنَهُمَا، فَحَسَّنَ حَدِيثَ حُمَيْضَةَ، وَضَعَّفَ حَدِيثَ حُكَيْمَةَ؟!.

عَلَى أَنَّ ثَمَّةَ أَمْرٍ آخَرَ زَائِدٍ فِى حَدِيثِ حُمَيْضَةَ، الَّذِي رضيه الأَلْبَانِيَّ وَحَسَّنَهُ: أَنَّ فِى إِسْنَادِهِ هَانِئَ بْنَ عُثْمَانَ الْجُهَنِيَّ، وَلَمْ يُوَثِّقْهُ إِلاَّ الإِمَامُ الْجِهْبِذُ ابْنُ حِبَّانَ، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِى «التَّقْرِيبِ» عَنْهُ: «مَقْبُولٌ». فَلِمَاذَا اعْتَمَدُهُ الأَلْبَانِيُّ، وَتَنَاسَى مَا يُكْثُرُ أَنَّ يُعَلِّلَ بِهِ تَضْعِيفَ الْمَجَاهِيلِ بِقَوْلِهِ: «ابْنُ حِبَّانَ مُتَسَاهِلٌ فِى التَّوْثِيقِ»!.

وَعِنْدِيَ أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الْحَدِيثَيْنِ: حَدِيثِ حُكَيْمَةَ وَحَدِيثِ حُمَيْضَةَ وَاحِدٌ، كِلاهُمَا صَحِيحٌ، وَلا يَضُرُّهُمَا تَفَرَّدُ ابْنِ حِبَّانَ بِتَوْثِيقِهِمَا.

شيخنا الحبيب:

إن الشيخ الألباني لم يحسن إسناد حديث عقد التسبيح لذاته، وإنما حسنه لغيره بشاهد موقوف عن عائشة.

فإنه قال في الضعيفة (1/ 186 - ط. المعارف): [وهو حديث حسن، أخرجه أبو داود وغيره، وصححه الحاكم والذهبي، وحسنه النووي والعسقلاني، كما في أمالي الأذكار (1/ 84)، وله شاهد موقوف، انظر "صحيح أبي داود" (1345)].

وبالرجوع لصحيح أبي داود-الأم، وجدنا أنَّ الشيخ قرر أن تحسين الحديث من أجل الشاهد، بالإضافة إلى تصحيح الأئمة له، فقال:

[وإنما حسنت الحديث؛ لأن له شاهدا موقوفاً على عائشة، خرجته في غير هذا الموضع-وأظنه في ردي على "التعقب الحثيث "للشيخ الحبشي -؛ مع تصحيح من ذكرنا إياه. والله أعلم].

وأخيراً:

أسأل الله أن يبارك في عمرك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير