فلو كان الإمام أحمد قال: (قول ابن جريج: [قال فلان] لا يقبل إلا أن يصرح بالسماع) = لكان من الممكن أن نقول: هذا العموم مخصص برواية ابن جريج عن عطاء، والداعي إلى التخصيص هو إقرار ابن جريج المذكور
لكن الحاصل هو أن الإمام أحمد خص رواية ابن جريج عن عطاء بالذكر، فهذا يشير إلى اطلاع الإمام أحمد على ما دفعه إلى تقرير ذلك
فيكون - حينئذ - قول ابن جريج يشبه الشرط الذي يضعه مؤلف كتاب ما في مقدمة كتابه، ثم نجده لم يلتزم بشرطه هذا داخل كتابه
فهذا يُضعف من الاعتماد على قول ابن جريج المذكور
ولذلك طرحتُ الموضوع للتباحث
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
ثالثا:
قولك أخي الفاضل:
هذا مذهب عائشة وهو ثابت عنها كما في "صحيح مسلم" عن زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ تَقُولُ سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ لِعَائِشَةَ وَاللَّهِ مَا تَطِيبُ نَفْسِي أَنْ يَرَانِي الْغُلَامُ قَدْ اسْتَغْنَى عَنْ الرَّضَاعَةِ
هذا غير صريح في رضاع الكبير؛ إذْ من المحتمل أن أم سلمة إنما كانت تُنكر على عائشة إرسال الصغير ليرضع لا لغرض سوى الدخول حين يكبر
فقد تحصل ظروف تدفع إلى إرضاع الصغير فيحرم بالرضاع، أما أن تدفع بالصغير ليرضع لا لهدف سوى الرغبة في حصول المحرمية = فمحتمل أن يكون هذا هو الذي لم تطب نفس أم سلمة له
وهذا يشبه من وجه ما [نكاح المحلل]، فهو إن تم بقصد = كان مُنكرا، بخلاف لو تم دون قصد
وقد ثبت في موطأ الإمام مالك أن عائشة رضي الله عنها أرسلت سالم بن عبدالله - وهو يرضع - إلى أم كلثوم ليرضع منها ليدخل على عائشة حين يكبر، لكنها مرضت فلم تتم الرضعات المطلوبة فلم يستطع الدخول على عائشة رضي الله عنها حين كبر بسبب أنه لم يرضع الرضعات المطلوبة حين كان صغيرا يرضع
=====================
ومازال الموضوع مطروحا للتباحث مع الأفاضل وخاصة من جهة الإشكال الثاني المذكور في مشاركتي الأولى
بارك الله فيكم
ـ[شرف الدين]ــــــــ[26 - 09 - 09, 12:24 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أولا:
لقائل أن يقول:
قال الحافظ ابن رجب في شرح علل الترمذي:
[قال أحمد: ((كل شئ قال ابن جريج: قال عطاء أو عن عطاء - فإنه لم يسمعه من عطاء))].
ولكن هل عطاء المذكور هنا هو عطاء بن أبي رباح أم عطاء الخراساني .. إذ معروف أن ابن جريج أخذ تفسير عطاء الخراساني من ابنه عثمان ونظر فيه ثم أرسله عن عطاء .. فهو إذن لم يسمع من عطاء ..
فهل عطاء المذكور هنا في قول الإمام أحمد محمول على عطاء الخراساني أم عطاء بن أبي رباح.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[أبو عبدالرحمن بن أحمد]ــــــــ[26 - 09 - 09, 08:49 ص]ـ
و فيكم بارك
بلا شك أن المقصود هو عطاء الخراساني
نقل الحافظ في "التهذيب " في ترجمة "ابن جريج " عن أبي خيثمة أنه قال (رأيت فى كتاب على ابن المدينى: سألت يحيى بن سعيد عن حديث ابن جريج، عن عطاء الخراسانى، فقال: ضعيف، قلت ليحيى: إنه يقول: أخبرنى؟! قال: لا شىء، كله ضعيف، إنما هو كتاب دفعه إليه)
وقال المزي في "تهذيبه " - في ترجمة الخراساني - (قال الحافظ أبو مسعود الدمشقى فى " الأطراف ": هذان الحديثان ثبتا من تفسر
ابن جريج، عن عطاء الخراسانى، عن ابن عباس، و ابن جريج لم يسمع التفسير من
عطاء الخراسانى إنما أخذ الكتاب من ابنه و نظر فيه.
و قال على ابن المدينى فى كتاب " العلل ": سمعت هشام بن يوسف قال: قال لى
ابن جريج: سألت عطاء عن التفسير من البقرة و آل عمران، فقال: اعفنى من هذا. قال هشام: فكان بعد إذا قال: عطاء عن ابن عباس، قال: الخراسانى. قال هشام
: فكتبنا حينا ثم مللنا. قال على ابن المدينى: يعنى كتبنا ما كتبنا أنه عطاء
الخراسانى.
قال على ابن المدينى: و إنما كتبت هذه القصة لأن محمد بن ثور كان يجعلها عطاء عن ابن عباس، فظن الذين حملوها عنه أنه عطاء بن أبى رباح.
و قال الحافظ أبو بكر الخطيب: كل حديث يرويه ابن جريج عن عطاء غير منسوب عن ابن عباس، و يذكر فيه سماع عطاء من ابن عباس فهو عطاء بن أبى رباح، لأن عطاء الخراسانى لم يسمع من ابن عباس و لا لقيه، و إنما كان يرسل الرواية عنه و قل حديث يرويه ابن جريج عن عطاء الخراسانى إلا و هو يعرفه. و أما أحاديث عطاء بن أبى رباح فأكثرها بل عامتها، يقول فيها ابن جريج: أخبرنى عطاء، من غير أن
ينسبه، والله أعلم. اهـ.
ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ
قال الحافظ في تهذيب التهذيب 7/ 214:
أورد المؤلف من سياق هذا أن عطاء المذكور فى الحديثين هو الخراسانى، و أن الوهم تم على البخارى فى تخريجهما لأن عطاء الخراسانى لم يسمع من ابن عباس،
و ابن جريج لم يسمع التفسير من عطاء الخراسانى، فيكون الحديثان منقطعين
فى موضعين، و البخارى أخرجهما لظنه أنه ابن أبى رباح، و ليس ذلك بقاطع فى أن
البخارى أخرج لعطاء الخراسانى بل هو أمر مظنون، ثم أنه ما المانع أن يكون
ابن جريج سمع هذين الحديثين من عطاء بن أبى رباح! خاصة فى موضع آخر غير
التفسير دون ما عداهما من التفسير، فإن ثبوتهما فى تفسير عطاء الخراسانى
لا يمنع أن يكونا عند عطاء بن أبى رباح أيضا، هذا أمر واضح بل هو المتعين،
و لا ينبغى الحكم على البخارى بالوهم بمجرد هذا الاحتمال، لاسيما و العلة فى
هذا محكية عن شيخه على ابن المدينى، فالأظهر، بل المحقق أنه كان مطلعا على
هذه العلة، و لولا ذلك لأخرج فى التفسير جملة من هذه النسخة و لم يقتصر على هذين الحديثين خاصة، والله أعلم.
و لاسيما أن البخارى قد ذكر عطاء الخراسانى فى " الضعفاء "، و ذكر حديثه عن
سعيد بن المسيب، عن أبى هريرة: أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم أمر الذى
واقع فى شهر رمضان بكفارة الظهار. و قال: لا يتابع عليه. ثم ساق بإسناد له
عن سعيد بن المسيب أنه قال: كذب على عطاء، ما حدثته هكذا.
و مما يؤيد أن البخارى لم يخرج له شيئا أن الدارقطنى، و الجيانى، و الحاكم،
و اللالكائى، و الكلاباذى و غيرهم، لم يذكروه فى رجاله.)
¥