تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[قول الحافظ في التقريب في راوي (صدوق يهم) أو (صدوق يخطئ) فهل نحتج بروايته، أم نتوقف فيها للشيخ أبي الحسن]

ـ[أبو أيمن]ــــــــ[27 - 09 - 09, 08:43 م]ـ

إذا قال الحافظ ابن حجر في «التقريب» في أحد الرواة: (صدوق يهم) أو (صدوق يخطئ) فهل نحتج بروايته، أم نتوقف فيها، حتى نرى لها متابعاً؟

قال الشيخ أبو الحسن في إتحاف النبيل الجزء الثاني

معلوم أن الحافظ يرحمه الله يُلخِّص في «تقريبه» أقوال أئمة الجرح والتعديل التي يذكرها في كتابه: «تهذيب التهذيب».

والأصل في أحكام الحافظ في «التقريب» أنَّه متبع لا لاصطلاح أهل العلم في وضع كل لفظة في مرتبتها التي تليق بها.

وقد نظرت في أقوال الحافظ وصنيعه، فرأيت أن قوله: «صدوق يهم أو يخطئ»، وما في معنى ذلك، يكون في الرواة الذين لا يُحتج بهم بمفردهم.

فإذا سلمنا للحافظ حكمه على الراوي، فالراوي ممن لا يحتج به، لكن إذا نازعنا الحافظ في حكمه على الراوي، وظهر لنا أنَّه قد تسامح مع الراوي، أو أنَّه قد بخس الراوي حقه، فهذا أمر آخر.

ومن الأدلة على ما قررته هنا ما يلي:

أولاً: أن الحافظ – يرحمه الله – قسم مراتب الرواة إلى اثنتي عشرة مرتبة: أولها الصحابة – رضي الله عنهم -.

والثانية: من أُكّد مدحه بأفعل: كأوثق الناس أو بتكرير الصفة لفظاً: كثقة ثقة، أو معنى: كثقة حافظ، وهؤلاء هم أهل الدرجة العليا في الحديث الصحيح.

الثالثة: منأفراد بصفة كثقة ... وهؤلاء هم أهل الدرجة الدنيا في الحديث الصحيح.

الرابعة: من قصر عن درجة الثالثة قليلاً، وإليه الإشارة بصدوق، أو لا بأس به ... وهؤلاء هم أهل الحديث الحسن.

الخامسة: من قصر عن الرابعة قليلاً، وإليه الإشارة بصدوق سيء الحفظ، أو صدوق يهم، أو له أوهام، أو يخطئ، أو تغير بآخره، قال: ويلتحق بذلك من رمي بنوع من البدعة، كالتشيع والقدر والنصب والإرجاء والتجهم، مع بيان الداعيةمنغيره، ثم ذكر السادسة وما بعدها حتى نهاية المراتب.

فتأمل تقسيمة لمرتبة الصحيح إلى مرتبتين، وهما الثانية والثالثة، ولم يقل في الثالثة: «من قصر عن الثانية قليلاً»، كما قال في الرابعة: «من قصر عن الثالثة قليلاً» ولا يقصر عن درجة الصحيح إلا الحسن لذاته، والحافظ يرحمه الله ممن يقول بالحسن لذاته والحسن لغيره، وبعد ما ذكر مرتبة الحسن لذاته، وهي الرابعة، قال: الخامسة، منقصر عن الرابعة قليلاً، ولا يقصر الراوي عن مرتبة الحسن لذاته، ومع ذلك يبقى حديثه من قسم الحسن لذاته محتجاً به.

فتأمل قوله: «من قصر عن ... » في المرتبة الرابعة والخامسة، تعلم صحة ما قررته.

ثانياً: وتأمل – أيضاً – جميع الألفاظ التي عدها الحافظ ابن حجر في المرتبة الخامسة، وهي: «صدوق سيء الحفظ، أو صدوق يهم، أو له أوهام، أو يخطئ، أو تغير بآخره» فأقول لمن يحتج بمن قال فيه الحافظ: «صدوق يهم أو يخطئ»: الحافظ جعل جميع الألفاظ السابقة، ألفاظَ المرتبة الخامسة، فهل أنت تحتج بمن قال فيه الحافظ: «صدوق سيء الحفظ أو تغير بأخرة»؟ كما تحتج بمن قال فيه: «صدوق يهم»؟ فإن قال: نعم، خالف السابق واللاحق، وإن قال: لا، قلت: بأي شيء فرقت بين ألفاظ المرتبة الواحدة؟ فجعلت بعضها لا يُحتج بأهلها، والبعض الآخر يحتج به؟ فصنيعك هذا معناه: أن الحافظ قد جمع بين ألفاظ الاحتجاج وألفاظ الشواهد في مرتبة واحدة، وأن هذه المرتبة تقسم مرتبتين، وهذا كله تعقب على الحافظ في صنيعه، ومع ذلك فأنت تدعى أنّ قولك موافق لقصد الحافظ وصنيعه!!

ثالثاً: قد صرح الحافظ بأن أهل المرتبة الخامسة في «التقريب» منأهل الشواهد لا الاحتجاج عن البخاري يرحمه الله، فقال في «هدي الساري» (ص:384) الفصل التاسع: في سياق أسماء من طُعِنَ فيهمنرجال هذا الكتاب ... فقال: وأما الغلط: فتارة يكثر من الراوي، وتارة يقل، فحيث يُوصف بكونه كثير الغلط، يُنظر فيما أخرج – يعني: البخاري – له، إن وُجد مروياً عنده أو عند غيرهمنرواية غير هذا الموصوف بالغلط، عُلِم أن المُعْتَمَد أصلُ الحديث، لا خصوص هذه الطريق، وإن لم يوجد إلامنطريقه، فهذا قادح يوجب التوقف عن الحكم بصحة ما هذا سبيله، وليس في «الصحيح» بحمد الله من ذلك شيء، وحيث يُوصف بقلة الغلط، كما يقال: «سيء الحفظ»، أو «له أوهام»، أو (له مناكير»، وغير ذلك من العبارات، فالحكم فيه كالحكم في الذي قبله، إلا أن الرواية عن هؤلاء في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير