تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حديث منكر، وهو صحيح الإسناد!؟]

ـ[محمود شعبان]ــــــــ[07 - 10 - 09, 12:52 ص]ـ

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

جاء في (علل الحديث) لابن أبي حاتم قوله: سألت أبي عن حديث رواه عبد الرزاق، عن معمر، عن ثابت، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ على النساء حين بايعهن: أن لا ينحن. فقلن: إن نساءً أسعدننا في الجاهلية، أفنسعدهن في الإسلام؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا إسعاد في الإسلام، ولا شِغار في الإسلام، ولا عَقْرَ في الإسلام، ولا جَلَبَ، ولا جَنَبَ، ومَن انتهب فليس منا». قال أبي: (هذا حديث منكر جدًّا).

فما وجه قول أبي حاتم عن هذا الحديث (منكر جدًّا)، مع أنه مروي بإسناد جيد؟

فأقول: قد اشترط علماء الحديث رحمهم الله لصحة الحديث شروطًا خمسة، نظمها الإمام السيوطي رحمه الله في ألفية الحديث بقوله:

(حَدُّ الصَّحِيحِ: مُسْنَدٌ بِوَصْلِهِ ... بِنَقْلِ عَدْلٍ ضَابِطٍ عَنْ مِثْلِهِ

وَلَمْ يَكُنْ شَاذًّا وَلَا مُعَلَّلا ... .................. )

وكون الحديث جاء بإسناد جيد أو حسن أو صحيح، فمعناه أننا تحققنا من ثلاثة شروط فقط من شروط الصحة، وهي اتصال السند، وضبط الرواة، وعدالتهم، وأما باقي الشروط، وهي ألَّا يكون الحديث شاذًّا ولا معلولًا، فهي لا تتحقق إلا بجمع طرق الحديث ورواياته، وقد تتابعت أقوال أهل العلم على أهمية جمع طرق الحديث:

قال الإمام ابن المبارك: (إذا أردت أن يصح لك الحديث، فاضرب بعضه ببعض).

وقال الإمام ابن المديني: (الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه).

وقال الإمام أبو بكر الخطيب: (السبيل إلى معرفة علة الحديث، أن يجمع بين طرقه، وينظر في اختلاف رواته، ويعتبر بمكانهم من الحفظ، ومنزلتهم في الاتقان والضبط). انظر: الجامع للخطيب (2/ 212)، والتقييد والإيضاح (1/ 117)، والشذا الفيَّاح (1/ 203)، وتدريب الراوي (1/ 253).

فلا إشكال أصلًا أن يحكم أئمة الحديث على حديث بالنكارة أو الشذوذ أو حتى الوضع، مع أنه صحيح الإسناد في الظاهر!

وهذا كثير في كلامهم؛ يتضح لمن تصفح كتب العلل، ككتاب العلل لابن أبي حاتم، وغيره.

وبالنظر إلى هذا الحديث فقد أخرجه عبد الرزاق (6690)، ومن طريقه: أحمد (13032)، والبزار (6917، 6918)، وابن حبان (3146)، والضياء (2/ 331 - 332) (1785 - 1787)، عن معمر، عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه قال: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم على النساء حين بايعهن ... فذكره مطولًا كما في السؤال.

وأخرجه الترمذي في العلل الكبير (296)، وابن ماجه (1885)، ويحيى بن معين في جزئه (134)، وابن حبان (4154)، وأبو عوانة في مستخرجه (3277، 3278)، والبيهقي (7/ 200) من طريق عبد الرزاق به، مختصرًا: «لا شِغار في الإسلام». وعند الترمذي بلفظ: «لا جَلَبَ، ولا جَنَبَ، ولا شِغار في الإسلام، ومَن انتهب فليس منا» بدون القصة.

وأخرجه أبو عوانة في مستخرجه (3279) من طريقين عن عبد الرزاق به، بلفظ: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشِّغار.

وأخرجه أحمد (12686) عن عبد الرزاق: حدثنا معمر، عن ثابت وأبان وغير واحد، عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا شِغار في الإسلام».

وهو في المصنف لعبد الرزاق (10434) عن معمر، عن ثابت وأبان، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا شِغار في الإسلام». والشِّغار: أن يبدل الرجلُ الرجلَ أخته بأخته بغير صداق، ولا إسعاد في الإسلام، ولا جَلَبَ في الإسلام، ولا جَنَبَ.

وأخرجه عبد الرزاق (10438) عن معمر عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال: الشِّغار أن يبدل الرجلُ الرجلَ أخته بأخته بغير صداق. ولم يذكر المرفوع.

وهذا الإسناد: (عبد الرزاق بن همام الصنعاني، عن معمر بن راشد البصري، عن ثابت بن أَسْلم البُنَاني، عن أنس بن مالك رضي الله عنه) مخرَّج في مسند أحمد، والكتب الستة سوى البخاري، وقد أخرج البخاري تعليقًا حديثًا واحدًا من رواية معمر عن ثابت عن أنس رضي الله عنه.

وهو إسناد حسن في الجملة، ومعمر بن راشد من الثقات الحفاظ، ولذلك صححه أو حسنه كثير من المتأخرين جريًا على ظاهر إسناده.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير