تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

العلماء؛ لأن الرواية عنهم شهر لهم ولمذاهبهم، ومن أهل العلم من يرى الرواية عن المبتدع الذي لا يدعو إلى بدعته، وهذا نقل عليه ابن حبان الاتفاق، ومنهم من يروي عن المبتدع الذي لا يجيز الكذب، ويتفق مع أهل السنة في تحريم الكذب؛ لأن مدار الرواية على الصدق في القول، ولذا يخرجون في الصحيحين وغيرهما لهذا الضرب من المبتدعة، أولاً كونهم غير دعاة، وأيضاً لم يعرفوا بكذب، والمعاندين من أهل البدع- والدليل على أن الذي قلنا هو اللازم-من هنا بيانية على كل حال سيأتي الخلاف في رواية المبتدع مفصلاً في الألفية -إن شاء الله-.

والدليل على أن الذي قلنا من هذا هو اللازم – (من) بيانية، هذا يعني الذي ذكرناه وهو بيان درجات الأخبار، وعدم إلقائها على الأغبياء- دون ما خالفه - (هو اللازم) هذه خبر أن، و (أن الذي قلنا من هذا) صلة الموصول الذي هو اسم إن و (هو اللازم) هذه جملة وهو خبر أنَّ (دون ما خالفه) هو يستدل لكلامه وتشديده في هذه المسألة بقول الله -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [(6) سورة الحجرات]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ} يعني بخبر، والفاسق من الفسق وهو في الأصل الخروج عن الطاعة إلى حيز المعصية، كما يقال للفأرة فويسقة، وكما يقال: فسقت الرطبة إذا خرجت عن قشرها، المقصود أن الفاسق هو الخارج عن حيز الطاعة إلى دائرة المعصية، هذا الفاسق إذا جاءنا بخبر علينا أن نتبين، وعلينا أن نتثبت، وألا نقبل والتثبت مطلوب، التثبت في الأخبار مطلوب، لا سيما في أخبار من تظهر عليه علامات الفسق، أو يظهر منها الهوى، لأمر من الأمور، فلا بد أن نتثبت؛ لأنه إذا كان يدعو إلى أمر يميل إليه بهواه فإن حكمه حكم المبتدع الذي يدعو إلى بدعته لا بد أن نتثبت، ولا بد أن نتبين، والفاسق الذي يعصي أمر الله -جل وعلا-، أو يرتكب مع حرم الله عليه هذا لا يؤمن في أن يكذب في خبره، ولذا أمرنا بالتثبت والتبين في خبره، خشية أن تصيبوا قوماً بجهالة، يعني بمجرد قبول هذا الخبر، والمسارعة إلى قبول الأخبار دون تثبت ولا تبين لا شك أنه جهل، ممن يقبل بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين، وكم من شخص سارع في قبول الأخبار ونقلها إلى غيره فعض أصابع الندم، إمام مسجد في طريق يصلي معه أناس في هذا الوقت لا يتكررون مرة ثانية، فصلى معه المغرب جموع امتلأ المسجد، لأنه في طريق قريب من سوق، فأعلن بعد الصلاة أن الشيخ الفلاني توفي وسوف يصلون عليه في مكان، سمع خبر، كيف يصحح هذا الخبر؟ هذا سببه العجلة في قبول الأخبار، فلا بد من التثبت، ثم بين بعد ذلك بين لأناس ما يدرون أيش يقول؟ ما عندهم الخبر الأصلي لكي ينقض، فمثل هذا لا شك هذا في خبر أمره يعني سهل بالنسبة لأمور الدين، بعض الناس ينقل فتاوى عن بعض أهل العلم، إما لخطأه في فهمها، أو لخطأ ناقلها، وآفة الأخبار رواتها، فينقلها على الخطأ لأنه فهم ممن حدثه أو من حدثه فهم ممن سمع منه على غير وجه الصواب.

ولذا يقرر أهل العلم أن الأخبار التي تشاع ولو كثر ناقلوها أنها لا تفيد العلم، ولو كثر ناقلوها، ما لم تستند إلى حس، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لما آل من نسائه، حلف، آل من نسائه شهراً، واعتزل في المشربة، شاع في المدينة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- طلق نسائه، وقد يكون هذا الخبر من مغرض، أشاع في الناس أن النبي -عليه الصلاة والسلام- طلق نسائه، وهذه الإشاعة وجدت قبول من جميع الناس، لماذا؟ لأنه ما دام اعتزل ووجد خبر يعني مبرر لهذا الاعتزال، والناس كثير منهم إذا سمع شيء لا بد أن يوجد له مبرر، سمع خبر لا بد أن يوجد له ما يبرره، مما يمكن قبوله عند الناس، يعني يجد رواج لكلامه، ويجد شيء يتحدث به في المجالس، وهذه غاية عند كثير من الناس، أن يشيع خبر ويقبل منه، ويتحدثون قال فلان وفعل فلان، شاع في المدينة أن النبي -عليه الصلاة والسلام-، واجتمع الناس حول المنبر، ودخل عمر -رضي الله تعالى عنه- مغضباً، وسأل الناس هل طلق النبي -صلى الله عليه وسلم- نسائه قالوا: نعم، فاستأذن على النبي -عليه الصلاة والسلام- فلم يؤذن له، واستأذن ثانية فلم يؤذن له، ثم استأذن ثالثة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير