تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وزيادة من الله جل وعلا في ترسيخ التثبت في نفوس المسلمين والأخذ بالاحتياط يعلمنا الله جل وعلا أن كافل اليتيم بعد أن كان وليا على ماله يتصرف على وفق مصلحة ذلك اليتيم حينما يكبر هذا اليتيم ويريد أن يرد عليه ماله يجب على الكافل أن يشهد عليه أناسا مرضيين من المسلمين بأنه قد أخذ أمواله. وفي هذه حماية لصفحة الكافل وقطع للألسنة التي لا تريد أن ترعوي أو تتثبت قبل تنطق.

قال تعالى: ((وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً)).

قال القرطبي: "امر الله تعالى بألاشهاد تنبيها على التحصين وزوالا للتهم وهذا الاشهاد مستحب عند طائفة من العلماء .. وقال طائفة هو فرض؛ وهو ظاهر الآية"

وكذلك الحال في الطلاق او الرجعة شرع الباري أن يشهد العدول على ذلك لما فيه من زيادة في التوقي وحماية لأعراض المسلمين والمسلمات من أن تكون عرضة لألسنة الطاعنين والمنافقين.

قال تعالى: ((فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً)).

المنبع الخامس: الدعوة الصريحة إلى التثبت في الأخبار:

والمنبع الخامس الذي يصب في نفوس المسلمين لكي يثمر غرس التثبت هو تلك الدعوة الصريحة في القرآن الكريم إلى عدم الخوض في الأخبار على غير هدى، لأن الإنسان السوي يربأ بنفسه أن يتردى إلى المستويات غير الإنسانية حيث يصبح الإنسان بوقا يردد ما يلقى إليه من غير أن يعلم أي بعد لكلامه الذي يقوله ويطلقه.

وأول الآيات التي تقرر هذا المعنى قوله تبارك وتعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)).

وسبب نزول هذه الآية إن الحارث بن ضرار الخزاعي سيد بني المصطلق قال: قدمت على رسول الله ? فدعاني إلى الإسلام فأقررت به ودخلت فيه، ودعاني إلى الزكاة فأقررت بها وقلت: يا رسول الله أرجع إلى قومي، فأدعوهم إلى الإسلام وأداء الزكاة، فمن استجاب لي جمعت زكاته، فترسل لي رسولا لأبان كذا وكذا ليأتيك ما جمعت من الزكاة فلما جمع الحارث الزكاة ممن استجاب له وبلغ الأبان، احتبس عليه الرسول فلم يأته، فظن الحارث أنه قد حدث فيه سخطة من الله ورسوله، فدعا سروات قومه فقال لهم: إن رسول الله ? قد وقت وقتا يرسل إلي رسوله ليقبض ما عندي من الزكاة، وليس من رسول الله الخلف، ولا أرى حبس رسول الله إلا من سخطة فانطلقوا فنأتي رسول الله ?، وفي الوقت الذي خرج فيه الحارث للحضور عند رسول الله ?، بعث رسول الله الوليد بن عقبة إلى الحارث، ليقبض ما عنده من الزكاة، فلما سار الوليد وقطع بعض الطريق، خاف ورجع، والتقى برسول الله ?، وقال له: إن الحارث منعني الزكاة وأراد قتلي، فبعث رسول الله ? جماعة إلى الحارث، فالتقت به وبأصحابه، فقال الحارث لهذه الجماعة إلى من بعثتم؟ قالت: إليك، قال ولم؟ قالت له أن رسول الله ? بعث إليك الوليد بن عقبة، فمنعته الزكاة وأردت قتله، فقال الحارث: والذي بعث محمدا ما رأيت الوليد وما رآني، ثم دخل الحارث على رسول الله ? فقال له الرسول ?، منعت رسولي وأردت قتل رسولي،؟ فقال يا رسول الله: والذي بعثك بالحق ما رأيته ولا رآني، ولا أقبلت إلا حين احتبس علي رسول رسول الله خشيت أن تكون سخطة من الله ورسوله فنزلت الآية: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)) قال قتادة فكان رسول الله ? يقول (التثبت من الإيمان والعجلة من الشيطان).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير