تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والذي يبدو والله اعلم – أن اقرب هذا الأقوال إلى الواقع هو ما ذكره ابن حجر. لان ما ذكره الخطيب في حده للمجهول بقوله (هو كل من لم يشتهر بطلب العلم في نفسه ولا عرفه العلماء به) أمر فيه نوع من المرونة فانه ليس كل من تصدى للحديث كان مشتهراً ثم ما هو الحد الذي إذا وصل إليه المحدث كان مشتهراً وإذا قصر عنه لم ينعت بالاشتهار.

أما ابن الصلاح فانه حينما صنف من كان مجهول العدالة إلى صنفين الأول مجهول العدالة ظاهراً وباطنا والثاني مجهول العدالة في الباطن دون الظاهر. وهو ما سماه بالمستور. فإني أرى أن هذا زيادة في التقسيمات والتعريفات. لان جمهور العلماء قالوا أن العدالة إنما تثبت بأشياء زائدة على الظاهر. وانه يجب التحري ومحاولة سبر أغوار نفوس الرواة قبل الحكم على عدالتهم وعدم الاكتفاء بما يظهر من صلاحهم لخطورة ما يتعلق بهذا الحكم.

أما ابن حبان فان مذهبه هذا مخالف لما عليه الجمهور تبعاً لرأيه في إثبات العدالة وقد:

صرح ابن حجر بأنه عجيب وانه مخالف لجمهور المحدثين كما نقلنا عنه ذلك قبل قليل.

إذن فالمجهول أما أن يكون مجهول العين وأما أن يكون مجهول الحال أي العدالة. ولكل نوع من هاتين الجهالتين منهج للعلماء في التعامل معه.

أسباب وقوع الجهالة:-

لا شك أن وقوع الجهالة في بعض رواة الحديث أمر لا بد منه لان من اشتغل بنقل سنة رسول الله ? كانوا من الكثرة بمكان لا يسمح معه أن يلم أصحاب الجرح والتعديل بهم جميعاً.

وقد ذكر ابن حجر بعض الأسباب التي تؤدي إلى وقوع الجهالة في الراوي فقال في متن نخبة الفكر:

(ثم الجهالة، وسببها أن الراوي قد تكثر نعوته من اسم أو كنية أو لقب أو حرفة فيذكر بغير ما اشتهر به لغرض وصنفوا فيه (الموضح).

وقد يكون مقلاً فلا يكثر الأخذ عنه، وصنفوا فيه (الوحدان) وهو من لم يرو عنه إلا واحد.

أو لا يسمى اختصاراً وصنفوا فيه (المبهمات)

والإبهام أو الاختصار يكون على شكلين:-

أولا: أن يبهم الراوي اسم شيخه فيقول حدثني رجل، أو بعضهم أو شيخ لنا، أو حدثني الثقة أو حدثني من لا اتهم.

ثانيا: أن يذكر الراوي اسم شيخه مهملاً كأن يقول (حدثني فلان أو ابن فلان أو أبو فلان).

وهناك سبب رابع لوقوع الجهالة لم يذكره ابن حجر ولكنه شائع الوقوع بين رواه الحديث وهو:

(عدم نص أئمة الحديث على توثيق الراوي أو تضعيفه) فتقع الجهالة لهذا السبب. لأنه من المعلوم أن المحدثين وناقلي السنة النبوية اكثر ممن تعرض لهم أئمة الجرح والتعديل في كتبهم، فكم من راو يقولون عنه لم يعرف عنه تعديل ولا تجريح.

ولما كان رأي الجمهور أن العدالة لا تثبت بمجرد رواية الثقات عن الراوي كان عدم وجود نص من قبل العلماء في ذلك الراوي تجريحاً أو تعديلاً مدخلاً له في دائرة جهالة الحال.

ما ترتفع به الجهالة:-

بعد أن عرفنا الجهالة وأنواعها وأسباب ورودها بقي علينا أن نتعرف على منهج علماء الحديث فيما ترتفع فيه الجهالة عن الراوي. أو بعبارة أخرى ما هي الأمور التي إذا توفرت في الراوي زالت جهالته واشتهرت حاله.

وللجواب على هذا التساؤل نقول: ان لعلماء الحديث منهجاً في رفع الجهالة عن الراوي تبعاً لنوع الجهالة المتعلقة بالراوي. فما ترتفع به جهالة العين هو غير ما ترتفع به جهالة الحال وهما غير ما ترتفع به جهالة من أبهم اسمه وعينه

ويمكن إجمال مناهج العلماء في ذلك فيما يأتي:

أولا: ما ترتفع به جهالة العين:-

والمقصود بجهالة العين أن الراوي لم يروِ عنه إلا واحد.

قال ابن حجر في ترجمة يحيى بن حرب المديني (قلت: قال ابن المديني: مجهول ما روى عنه غير موسى)

وقال ابن عدي (ولا اعلم أحدا يروى عنه غير مروان الفزاري وإذا روى عنه رجل واحد فهو شبه المجهول)

إذن فلا فرق عند العلماء بين مجهول العين أو شبه المجهول لان كليهما لم يروِ عنهما إلا راويا واحدا.

ومن كان هذا حاله فان للعلماء فيما ترتفع به الجهالة عنه أقوالا:-

1. ذهب الخطيب البغدادي إلى أن (اقل ما ترتفع به الجهالة أن يروي عن الرجل اثنان فصاعداً من المشهورين بالعلم).

قال صاحب كتاب نصب الراية موافقا الخطيب فيما ذهب إليه: (وانما ترتفع جهالة المجهول إذا روى عنه ثقتان مشهوران، فأما إذا روى عنه من لايحتج بحديثه لم يكن ذلك الحديث حجة ولا ارتفعت جهالته).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير