2. بينما ذهب فريق من العلماء كيحيى بن معين والذهبي وابن حجر في احد رأييه وغيرهم إلى أن جهالة العين ترتفع بأن يروي عنه اثنان فصاعداً دون أن يشترط فيهما أن يكونا مشهورين في أهل العلم.
اخرج الخطيب البغدادي بسنده إلى أبي زكريا يحيى بن محمد بن يحيى قال (سمعت أبي يقول إذا روى عن المحدث رجلان ارتفع عنه اسم الجهالة).
وجاء في تعجيل المنفعة في ترجمة بركة بن يعلى التميمي (واستفدنا منهما أن لبركة راويين فارتفعت جهالة عينه والله المستعان).
وجاء في تلخيص الحبير في ترجمة عبد الله بن بصير: (قيل لا يعرف لأنه ما روى عنه غير أبي إسحاق السبيعي، لكن أخرجه الحاكم من رواية العيزار عنه، فارتفعت جهالة عينه).
3. ذهب ابن حجر في رأيه الآخر إلى أن الراوي مجهول العين-وهو من لم يرو عنه إلا واحد-ينظر إلى ذلك الواحد الذي يروى عن ذلك المجهول. فان كان من أئمة الحديث وحفاظهم عد ذلك تعريفاً بعين ذلك الراوي:
جاء في تهذيب التهذيب (وقال الذهبي في الطبقات: احمد بن يحيى بن محمد لا يعرف. قلت: بل يكفي في رفع جهالة عينه رواية النسائي عنه).
4.وذهب ابن خزيمة وابن حبان من بعده إلى أن مجهول العين ترتفع جهالته برواية واحدٍ مشهور.
جاء في لسان الميزان: (وكان عند ابن حبان أن جهالة العين ترتفع برواية واحدٍ مشهور وهو مذهب شيخه ابن خزيمة ولكن جهالة حاله باقية عند غيره. وقد افصح ابن حبان بقاعدته فقال: العدل من لم يعرف فيه الجرح، إذ التجريح ضد التعديل، فمن لم يجرح فهو عدل حتى يتبين جرحه).
ثانيا: ما ترتفع به جهالة الحال:-
والمقصود من جهالة الحال أن لا يعرف الراوي بجرح ولا تعديل. وترتفع جهالة حاله بأمور وضوابط وضعها علماء الحديث، وهم مختلفون فيها كما يأتي:
1. اجمع علماء أهل السنة واغلب الفرق الإسلامية على أن من ثبتت صحبته لرسول الله ? ارتفعت جهالة حاله واستغني عن البحث عن عدالته. لان الصحابة ? عدول بتعديل الله تعالى لهم وتعديل رسول الله ?.
قال الذهبي: (وأما الصحابة ? فبساطهم مطوي وان جرى ما جرى وان غلطوا كما غلط غيرهم من الثقات، فما يكاد يسلم أحد من الغلط، لكنه غلط نادر لا يضر أبدا، إذ على عدالتهم وقبول ما نقلوه العمل وبه ندين الله تعالى).
2. ذهب جمهور المحدثين إلى أن من وردت روايته في كتب الصحيح ارتفعت جهالة حاله. يوضح ذلك قول ابن حجر في مقدمة فتح الباري: (فأما جهالة الحال فمندفعة عن جميع من اخرج لهم في الصحيح لان شرط الصحيح أن يكون راويه معروفاً بالعدالة، فمن زعم أن أحدا منهم مجهول فكأنه نازع المصنف في دعواه انه معروف، ولا شك أن المدعي لمعرفته مقدم على من يدعي عدم معرفته لما في المثبت من زيادة العلم).
وجاء في نصب الراية قول ابن دقيق العيد (رحمه الله): (ومن العجب كون القطان لم يكتف بتصحيح الترمذي في معرفة حال عمرو بن مجدان مع تفرده بالحديث وهو قد نقل كلامه (هذا حديث حسن صحيح) وأي فرق بين أن يقول هو ثقة أو يصحح له حديثاً انفرد به).
3. وذهب الدارقطني فيما نقله عنه السخاوي أن: (من روى عنه ثقتان فقد ارتفعت جهالته وثبتت عدالته).
وذكر البلقيني أن هذا هو مذهب ابن حبان كذلك فقال: (اكتفى ابن حبان بمجرد رواية عدلين في التعديل وهو بعيد).
والصحيح أن ابن حبان يختلف عن الدارقطني فيما ترتفع به جهالة الحال عن الراوي. وله مذهب خاص به وهو الآتي:
4.ذهب ابن حبان إلى أن كل من روى عنه راو مشهور قد ارتفعت جهالة عينه وكل من ارتفعت جهالة عينه ولم يعرف فيه جرح فهو عدل أي أن جهالة الحال ترتفع مع جهالة العين إذا لم يعرف فيه جرح للعلماء.
وقد نص ابن حجر على مذهب ابن حبان هذا في لسان الميزان فقال: (وهذا الذي ذهب إليه ابن حبان من أن الرجل إذا انتفت جهالة عينه كان على العدالة إلى أن يتبين جرحه مذهب عجيب، والجمهور على خلافه).
إذن فما ذهب إليه البلقيني من أن ابن حبان يشترط رواية عدلين في إثبات عدالة الراوي يخالف المشهور من مذهب ابن حبان الذي قدمناه آنفاً.
¥