ولذا فان المحدثين حينما اصدروا أحكامهم بحق المجاهيل ذهبوا في تلك الأحكام ثلاثة مذاهب باعتبارات مختلفة وهي كما يلي:
حكم رواية المجهول
بالنظر إلى بالنظر إلى بالنظر إلى
وثاقة من يروى عنهم طبقاتهم نوع الجهالة
إذا روى إذا روى إذا روى مجهول مجهول مجهول المجهول
الإثبات المشهورون الضعفاء العين الظاهر الباطن بالإبهام
عنه عنه عنه والباطن
إذا كان إذا كان إذا كان إذا كان
من الصحابة من كبار التابعين من صغار التابعين من تابع التابعين
الاعتبار الأول:-
حكم رواية المجهول باعتبار نوع الجهالة المتعلقة به:-
ويمكن معرفة هذه الأحكام من خلال معرفتنا لأنواع الجهالة التي تلحق الراوي. وهي:-
1 - جهالة العين:-
وللعلماء في حكم الراوي الذي جهلت عينه مذاهب وهي:-
أولا: ذهب جمهور العلماء إلى عدم قبول رواية مجهول العين مطلقاً وحجتهم أن العدالة شرط في صحة الرواية فمن جهلت عينه جهلت عدالته من باب أولى.
يقول ابن كثير: (فأما المبهم الذي لم يسمّ اسمه أو من سمي ولا تعرف عينه فهذا من لا يقبل روايته أحد علمناه)
وصرح ابن حجر بهذا فقال في ميزانه: (إذ المجهول غير محتج به)
ثانيا: ذهب الحنيفة ومن معهم إلى قبول روايته مطلقا لأنهم لم يشترطوا في الرواة مزيداً على الإسلام.
يقول الدكتور فاروق حمادة (وقد قبل هذا النوع مطلقاً من العلماء من لم يشترط في الراوي مزيداً على الإسلام وعزاه ابن المواق للحنفية حيث قال: انهم لم يفصلوا بين من روى عنهم واحد وبين من روى عنه اكثر من واحد بل قبلوا رواية المجهول على الإطلاق).
ثالثا: إذا تفرد بالرواية عنه من لا يروى إلا عن ثقة كعبد الرحمن بن مهدي قبلت روايته وإلا فلا:-
قال الخطيب: (إذا قال العالم كل من اروي لكم عنه واسميه فهو عدل رضاً مقبول الحديث كان هذا القول تعديلاً منه لكل من روى عنه وسماه).
رابعا: ذهب علي بن عبد الله بن القطان إلى أن مجهول العين إذا زكاه مع راويه الواحد أحد أئمة الجرح والتعديل قبلت روايته. وإلا فلا.
خامسا: ذهب ابن عبد البر إلى قبول رواية مجهول العين إذا كان مشهوراً بشيء من مكارم الأخلاق من نجدة أو كرم أو ما إلى ذلك من غير العلم. وإلا فلا. قال ابن الصلاح: بلغني عن أبي عمر بن عبد البر وجادة قال: (كل من لم يرد عنه إلا رجل واحد فهو عندهم مجهول إلا أمور يكون رجلاً مشهوراً في غير حمل العلم واشتهار مالك بن دينار بالزهد وعمرو بن معد مكرب بالنجدة).
2 - جهالة الظاهر والباطن:-
وللعلماء في قبول رواية من كان مجهول العدالة ظاهراً وباطناً مذاهب يمكن إجمالها فيما يلي:-
أولا: ذهب جمهور المحدثين إلى عدم قبول رواية مجهول العدالة – ظاهراً وباطناً – لان العدالة – كما قدمنا – شرط في صحة الرواية ومن جهلت عدالته في الظاهر والباطن فجماهير العلماء على روايته.
ثانيا: نسب إلى أبي حنيفة واتباعه قبول روايته مطلقاً اكتفاءً منهم بظاهر الإسلام وعدم ظهور ما يفسق به أنواعها ترد روايته. وقد عقب البلقيني على كلام ابن الصلاح حينما قال: (ومجهول العدالة من حيث الظاهر والباطن جميعاً روايته غير مقبولة عند الجماهير) بقوله (فائدة: أبو حنيفة يقبل مثل هذا).
ثالثا: ذهب ابن حجر ومن معه إلى أن مجهول العدالة إن كان من انفرد عنه ممن لا يروي إلا عن ثقة قبلت روايته وإلا فلا.
3 - جهالة الباطن:-
وهي أن يكون الراوي عدلاً في ظاهره، مجهول العدالة من حيث الباطن. وهو ما يسمى بالمستور عند المحدثين.
وللعلماء في قبول رواية المستور مذاهب يمكن إجمالها فيما يلي:-
أولا: ذهب الجمهور إلى عدم قبول روايته ما لم تثبت عدالته. وهو قول الشافعي. ومبناه أمور رواية الراوين عنه تعريف به لا توثيق له وان قبول الرواية مبني على التوثيق لا على التعريف. .
ثانيا: ذهب أبو حنيفة وبعض الشافعية إلى قبول روايته ما لم يعلم الجرح فيه.
قال ابن الصلاح: (وهذا المجهول أي المستور يحتج بروايته بعض من رد رواية الأول أي المجهول باطناً وظاهراً. وهو قول بعض الشافعيين … لان أمر الأخبار مبني على حسن الظن بالراوي).
ثالثا: وذهب إمام الحرمين إلى القول بالتوقف في رواية المستور حتى يتبين حاله فقد قال:
¥