والراوي إذا ثبت فسقه ورد حديثه فالعلماء يطلقون على ذلك الحديث الذي يرويه اسم (المنكر) عند الذين لا يشترطون المخالفة في تعريفهم للمنكر حينما قالوا:-
(المنكر هو ما تفرد به ضعيف لا يحتمل ضعفه لفسقه أو فحش غلطه أو كثرة غفلته).
المطلب الثاني
منخرم المروءة وحكم روايته
قبل أن نعرف من هو منخرم المروءة لابد لنا أن نعرف ما هي المروءة أولا.
المروءة في اصل اللغة هي الإنسانية.
وفي الاصطلاح هي الأخذ بمحاسن الأخلاق وجميل العادات. فكل ما ينزل بالإنسان فهو من خوارم المروءة وكل ما استقبحته العقول السليمة من مساوئ الأخلاق وردئ العادات فهو من خوارم المروءة.
ومن خوارم المروءة التي يمثل بها العلماء منة النفس وكثرة المزاح بلا سبب والإتيان بما لا يليق بالمؤمنين الأتقياء.
ويمكن أن نصنف خوارم المروءة إلى نوعين اثنين:
الأول:- خوارم للمروءة بحسب الشرع.
الثاني:- خوارم للمروءة بحسب العرف السائد.
فالأولى لا تتغير ولا تتبدل بتبدل الأحوال والازمان لأنها تستمد ثباتها من الشرع الحنيف. وعليه فكل من وصف بأنه منخرم المروءة بواحدة من تلك الخوارم فهو مخروم المروءة في كل حين. تأخذ الأجر على التحديث عند من يرى حرمة ذلك فمن خرمت مروءته لهذا فأنه لا يزال على ذلك أبدا. وكذلك من خرمت مروءته بسبب السنة وبذاءة اللسان لأن المسلم لا يكون بذيئاً ولا سفيها. اخرج الخطيب بنده إلى الإمام البخاري قال: (ذكر النضر بن مطرف فقال يحيى القطان سمعته يقول: أن لم أحدثكم فأمي زانية، قال يحيى فتركت حديثه لهذا).
والذي ينعم النظر في خوارم المروءة التي جرح بها بعض الرواة يجد إنها يمكن أن تصنف إلى نوعين اثنين:
الأول:- خوارم للمروءة ترجع إلى مستند شرعي.
الثاني:- خوارم للمروءة بحب العرف السائد.
فالخوارم التي ترجع إلى الشرع لا تتغير ولا تتبدل بتبدل الأحوال والازمان حيث تستمد ثباتها من الشرع الحنيف. وعليه فكل من وصف بواحدة من تلك الخوارم فهو مخروم المروءة في كل حين.
مثال ذلك. انخرام مروءة من يأخذ على التحديث أجرا عند من يرى حرمة ذلك الأجر أو كراهته. فمن خرمت لهذا السبب لن يمر عليه زمان يكون فيه اخذ الأجر على التحديث أمرا خارجاً عن الكراهة أو الحرمة إلا ضمن استثناءات ذكرها المحدثون في مواضعها.
وكذلك من خرمت مروءة بسبب السفه وبذاءة اللسان لأن المسلم لا يكون بذيئاً ولا سفيها. فقد اخرج الخطيب البغدادي بنده إلى محمد بن إسماعيل البخاري قال (ذكر النضر بن مطرف فقال يحيى القطان سمعته يقول إن لم أحدثكم فأمي زانية. قال يحيى تركت حديثه لهذا).
فانخرام مروءة مثل هذا راجعة إلى مخالفة اصل شرعي لقوله ?: (ليس المسلم بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء).
و أما الخوارم التي ترجع إلى مخالفة عرف سائد فان المحققين من العلماء لا ينظرون إليها سواء بسواء مع تلك الخوارم التي ترجع إلى مخالفة اصل شرعي لجواز أن يتغير العرف السائد. فما يعد من الخوارم في زمن لا يكون كذلك في زمن آخر. وما يعد من الخوارم في بلد لا يكون كذلك في بلد آخر.
يقول الدكتور عبد الكريم زيدان: (ولا شك ان خوارم المروءة تخضع إلى حد كبير إلى العرف السائد فما يكون قبيحاً وقادحاً في المروءة في بلد ما قد لا يكون كذلك في بلد آخر لاختلاف العرف في هذين البلدين مثل كشف الرأس فقد يكون مستقبحاً في بلد للعرف السائد فيه فيكون فادحاً في المروءة والعدالة وقد لا يكون مستقبحاً في بلد آخر فلا يكون قادحاً في العدالة). ولهذا فان المروءة في مثل هذا هي مراعاة العرف السائد.
يقول ابن حجر (قال الطبري والذي أراه هو جواز لبس الثياب المصبغة بكل لون إلا أني لا احب لبس ما كان مشبعاً بالحمرة ولا لبس الأحمر مطلقا ظاهراً فوق الثياب لكونه ليس من لباس أهل المروءة في زماننا. فان مراعاة زي الزمان من المروءة ما لم يكن إثما وفي مخالفته ضرب من الشهرة).
¥