تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(قال الخطيب رأيت لأبي نعيم أشياء تساهل فيها منها انه يطلق في الإجازة (اخبرنا) ولا يبين قلت (والقائل ابن حجر) هذا مذهب رآه أبو نعيم وغيره وقد ضرب من التدليس).

وكذلك رصد ابن حجر نوعاً آخر من أنواع التدليس وهو أن يعمد الراوي إلى تغير اسم شيخه الضعيف إلى اسم يخترعه هو له لا يمت بصله إلى اسمه السابق حتى لا يعرف.

فقد جاء في ترجمة ميمون بن عجلان الثقفي قوله: (قال الطبراني لم يروه عن محمد إلا ميمون قلت وميمون هذا أظنه عطاء بن عجلان أحد الضعفاء، كان بعض الرواة دلس اسمه وهذا من عجيب التدليس).

ماذا عرفنا أنواع التدليس هذه فهل التدليس قادح في عدالة الراوي إذا ثبت عليه وما هي مواقف العلماء من رواية المدلس؟!

ولكي نجيب على هذا التساؤل فيجب أن نعرف أولاً الدوافع أو الأسباب التي دفعت المدلسين إلى الوقوع في التدليس وأهمها:

1. إرادة التعمية على الناس بسبب ضعف الراوي.

2. إرادة التعمية بسبب صغر سن الراوي.

3. إرادة التعمية إيهاما للناس بكثرة المشايخ.

4. إرادة التعمية إيهاما للناس بعلو الإسناد.

5. طلبا للاختصار لاشتهاره بالرواية عمن دلسه.

6. الوهم والنسيان.

فإذا كان الراوي يعمد إلى التدليس لأنه يعلم إن من دلسه معروف بالضعف عند المحدثين كان تدليسه هذا جارحاً له وقادحاً في عدالته على رأي بعض العلماء

يقول ابن الصلاح: (من عرف بهذا التدليس فقد جعله فريق من أهل الحديث والفقهاء مجروحاً بذلك، وقالوا لا تقبل روايته بحال بين السماع أو لم يبين).

يقول السخاوي (وانما اعتبر التدليس جرحاً لما فيه من التهمة والغش) حيث عدل عن الكشف إلى الاحتمال.

يقول أبو الوفاء سبط ابن العجمي فيمن تعمد مثل هذا النوع من التدليس (قال شيخنا الحافظ العراقي في النكت على ابن الصلاح: وهذا قادح فيمن تعمده وقال العلائي في كتاب المراسيل ولا ريب في تضعيف من اكثر هذا النوع … ونقل الذهبي عن أبي الحسن بن القطان في بغية بن الوليد انه يدلس عن الضعفاء ويستبيح ذلك وهذا إن صح فانه مفسد لعدالته).

بينما ذهب كثير من أهل العلم إلى أن التدليس لا يعد قادحاً في عدالة المدلس كما نص على ذلك الخطيب البغدادي في كفايته وقال (ذهب إلى ذلك الجمهور) أما موقف العلماء من رواية المدلس فهو كالآتي:-

الفريق الأول:- ذهب أصحاب هذا الفريق ومنهم أبو الزبير المكي إلى قبول رواية المدلس مطلقاً سواء صرح بالسماع أم لم يصرح، اكثر من التدليس أم لم يكثر كما حكاه ابن حجر في طبقات المدلسين.

الفريق الثاني:- ومنهم الإمام الشافعي فقد ردوا رواية من ثبت عليه التدليس ولو مرة سواء دلس عن الثقات أم لا فقال: (ومن عرفناه دلس مرة فقد أبان لنا عورته في روايته).

قال الخطيب (وقال فريق من الفقهاء واصحاب الحديث إن خبر المدلس غير مقبول لأجل ما قدمنا ذكره من أن التدليس متضمن الإبهام لما لا اصل له وترك تسمية من لعله غير مرضي ولا ثقة وطلب توهم علو الإسناد).

وحجة هؤلاء تكمن في أن التدليس يشتمل على مفاسد عظيمة أهمها:

1. انه يوهم بالسماع ممن لم يسمع منه وهذا صنو الكذب، فعن سليمان بن حرب يقول سمعت جريء بن حازم يقول وذكر التدليس والمدلسين فعابه وقال أدنى ما يكون انه يرى الناس انه سمع ما لم يسمع).

2. إيهامه بعلو الإسناد بخلاف ما هو عليه.

3. انه يخفي ويصير الراوي مجهولاً فيسقط العمل بالحديث لكون الراوي مجهولاً عند السامع مع كونه عدلاً معروفاً في نفس الأمر.

الفريق الثالث:-

أما هؤلاء فمالوا إلى التفصيل فلم يردوا رواية جميع من ثبت التدليس عنهم ولا قبلوا كل ذلك كما فعل أبو الزبير المكي.

وهؤلاء في تفصيلاتهم على مذاهب نجملها في الآتي:-

أولاً:- قال أصحاب هذا المذهب ان خبر المدلس لا يقبل إلا أن يورده على وجه مبين وإلا فلا. وقال الخطيب (وهذا هو الصحيح عندنا) وبه حكم ابن الصلاح فقال: (والحكم انه لا يقبل من المدلس حتى يبين). وبه قال البخاري فاستمع إلى ابن حجر وهو يقول: (فأما التدليس فقد ذكر جماعة من الحفاظ ان البخاري كان لا يخرج عنه إلا ما صرح فيه بالتحديث واعتبرت أنا هذا في حديثه فوجدته كذلك).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير