تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويقول أيضا: (المسعودي ممن خلط … ذكر الحاكم في أول كتاب المزكين للرواة عن يحيى بن معين انه قال: من سمع من المسعودي في زمان أبي جعفر فهو صحيح السماع ومن سمع منه في أيام المهدي فليس سماعه بشيء).

المطلب الثالث

حكم رواية من كثر وهمه وغلبت عليه الغفلة

والمراد بالوهم أن يروى الراوي على سبيل الخطأ والتوهم، فيصل الإسناد المرسل ويرفع الأثر الموقوف ونحو ذلك.

واما الغفلة فمعناها عدم الفطنة بأن لا يكون لدى الراوي من اليقظة والإتقان ما يميز به الصواب من الخطأ في مروياته.

وليس معنى هذا أن يشترط في الراوي العصمة من الخطأ والغفلة والتوهم، لأن الإنسان مجبول على مثل هذا لكن الكلام منصب على المكثرين من الخطأ والغفلة حتى تكون ملازمة لهم. أما الشيء اليسير من ذلك فهو معفو عنه للطبيعة البشرية كما أسلفنا.

وقد ذكر ابن حجر هذا الأمر فقال:

(قال ابن المبارك: من ذا سلم من الوهم، وقال ابن معين لست اعجب ممن يحدث فيخطئ إنما اعجب ممن يحدث فيصيب، قلت: وهذا أيضا مما يجب أن يتوقف فيه فإذا جرح الرجل بكونه اخطأ في حديث أو وهم أو تفرد فلا يكون ذلك جرحاً مستقرا، ولا يرد به حديثه).

أما من كثر خطأه وأطبقت عليه الغفلة، وغلب عليه الوهم فالعلماء متفقون على رد روايته لأنه ناقض لشرط الضبط المتفق عليه.

يقول الإمام الشافعي: (ومن كثر غلطه من المحدثين ولم يكن له اصل – كتاب صحيح لم نقبل حديثه، كما يكون من اكثر الغلط في الشهادة لم تقبل شهادته).

- واخرج الخطيب بسنده إلى احمد بن سنان قال كان عبد الرحمن بن مهدي لا يترك حديث رجل إلا رجلاً متهماً بالكذب أو رجلاً الغالب عليه الغلط).

- وعن محمد بن المثنى قال سمعت ابن مهدي يقول: الناس ثلاثة رجل حافظ متقن فهذا لا يختلف فيه وآخر يهم والغالب على حديثه الصحة فهذا لا يترك حديثه وآخر يهم والغالب على حديثه الوهم فهذا يترك حديثه.

- وروى ابن منده بسنده إلى عبد الرحمن بن مهدي قال سألت شعبة عمن يترك حديثه فقال: إذا روى عن المعروفين ما لا يعرفه المعروفون فاكثر طرح حديثه ومن اكثر الغلط ترك حديثه، ومن روى حديثا غلطا مجتمعا عليه فلا يدع روايته ترك حديثه ومن اتهم بالكذب، وما كان غير هؤلاء فارو عنه.

وسئل الإمام احمد عمن يكتب العلم فقال عن الناس كلهم إلا عن ثلاثة، صاحب هوى يدعو الناس إليه أو كذاب فانه لا يكتب عنه قليل ولا كثير، أو عن رجل يغلط فيرد عليه فلا يقبل.

وقد أوضح الدار قطني المرحلة التي إذا بلغ الوهم بصاحبه إليها سقط اعتبار روايته فقد سأله أحد تلامذته فقال: (وسألته عمن يكون كثير الخطأ فقال: إن نبهوه عليه ورجع عنه فلا يسقط، وان لم يرجع سقط).

لأن الراوي إذا ذكر بالصواب ولم يتذكر معنى ذلك انه استوى لديه الخطأ والصواب فلا ترجيح عنده لاحدهما على الآخر الأمر الذي يتسبب في سحب الثقة عن مروياته.

أما المواطن التي يمكن أن يقع فيها الخطأ والوهم، فقد جاء في تدريب الراوي قوله: (ذكر الحافظ أبو الحجاج المزي في الأطراف إن الوهم تارة يكون في الحفظ وتارة يكون في القول وتارة في الكتابة).

وقد كان العلماء يخضعون المحدثين للاختبار من اجل أن يتأكدوا من انهم متقنون لما يروونه فإذا ما وقع أحدهم في المحذور علموا انه ليس بشيء.

ففي تهذيب الكمال للمزي جاء في ترجمة احمد بن إسماعيل بن محمد القرشي … (قال الدار قطني ضعيف الحديث كان مغفلا أدخلت عليه أحاديث في غير الموطأ فقبلها).

وطريقة الاختبار هذه هي ما تسمى بالتلقين، ومعناه أن يلقن الشيخ شيئا فيحدث به من غير أن يعلم انه من حديثه، كعبد الله بن لهيعة فقد كان تلامذته يجيئونه بكتاب فيقولون: هذا من حديثك فيحدثهم به، من غير أن يعلم انه من حديثه.

- واخرج الخطيب بسنده إلى يحيى بن سعيد انه قال: (إذا كان الشيخ إذا لقنته قبل فذاك بلاء، وإذا ثبت على شيء واحد، فذاك ليس به بأس).

(قال الحميدي: ومن قبل التلقين ترك حديثه الذي لقن فيه واخذ عنه ما أتقن حفظه إذا علم ذلك التلقين حادثا في حفظه لا يعرف به قديما، واما من عرف به قديما في جميع حديثه فلا يقبل حديثه، ولا يؤمن أن يكون حديثه مما لقن).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير