تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومثال المنكر: ما رواه ابن أبي حاتم من طريق حبيب بن حبيب وهو أخو حمزة بن حبيب الزيات المقرئ، عن أبي إسحاق عن العيزار بن حريث عن ابن عباس عن النبي ? (من أقام الصلاة واتى الزكاة وحج البيت وصام وقرى الضعيف دخل الجنة) قال أبو حاتم: هو منكر، لان غيره من الثقات رواه عن أبي إسحاق موقوفاً وهو المعروف).

أما المتروك من الحديث فهو ما رواه فرد متهم بالكذب سواء أخالف فيه غيره أم انه تفرد به وحسب. ولا يشترط أن يكون كذب الراوي في الحديث، بل يكفي أن يعرف بالكذب في أحاديث الناس أو كان ظاهر الفسق أو شديد الغفلة أو كثير الوهم.

قال السيوطي:

منسم بالمتروك فرداً تصب راو له متهم بالكذب

عرفوه منه في غير الأثر أو فسق أو غفلة أو وهم كثر

وهذا النوع من المخالفات اشدها عند المحدثين وأنكاها برواتها لان المحدث جمع على نفسه أمران عظيمان الأول المخالفة والثاني تهمة الكذب أو المجاهرة بالفسق أو شدة الغفلة أو كثرة الأوهام، وهي مما يرد به حديثهم وان لم يكن مخالفاً لغيره مما رواه الثقات المثقفون فكيف إذا انضم إليه داء المخالفة.

ومن أمثلة الحديث المتروك حديث صدقة بن موسى الدقيقي عن فرقد السبخي عن مرة الطيب عن أبي بكر.

وحديث عمرو بن شحر عن جابر الجعفي عن الحارث الأعور عن علي.

الفصل الرابع/ الضوابط المعتبرة في الجرح والتعديل

المبحث الأول/ الصفات المعتبرة في الجارح أو المعدل

المبحث الثاني/ الصفات المعتبرة في الجرح أو التعديل

المبحث الثالث/ ضوابط الترجيح بين الجرح والتعديل

عند التعارض

المبحث الأول

الصفات المعتبرة في الجارح أو المعدل

كما أن لناقلي سنة النبي ? شروطا يجب توفرها فيهم لكي يلاقى ما نقلوه بالقبول فإن لمن يتعرض لتزكية رواة الأخبار شروطا هي أشد من شروط أولئك لأهمية ما يصدرونه من أحكام. فإن الجارح أو المعدل حينما يصدر أحكامه على رواة الحديث وناقلي الأخبار إنما يصدر أحكامه في الحقيقة على الأثر المنقول فأما أن يحكم بثبوته ويتخذه الناس دينا أو أن يحكم بخلاف ذلك فيترك الناس ذلك الأثر.

ولذا فإن عملية الجرح والتعديل إنما يقوم بها الجهابذة من علماء الأمة ومن أتصفوا بالديانة العميقة والتجرد التام عن الهوى وحظوظ النفس.

ويقول الإمام النووي في هذا المعنى: (ثم على الجارح تقوى الله تعالى في ذلك والتثبت فيه والخدر من التساهل بجرح سليم من الجرح أو نقص من لم يظهر نقصه، فإن مفسدة الجرح عظيمة فإنها غيبة مؤبدة مبطلة لأحاديثه مسقطة لسنة عن النبي ? ورادة لحكم من أحكام الدين).

ولذا فمن الضرورة بمكان أن نلم بصفات الجارح المعتبر جرحه عند علماء الحديث لكي لا يظن ظان أن كل من تكلم في الرجال يستمع إلى كلامه، بل الأمر مقتصر على أهله وذويه ضمن القواعد المتبعة لعملية الجرح والتعديل.

ويمكن إجمال هذه الشروط فيما يأتي:

أولا: أن يكون الجارح أو المعدل متصفا بالعدالة:

لأن جميع علماء الحديث متفقون على اشتراط العدالة بالنسبة لمن اشتغل بالحديث. ومعرفة العدالة وثبوتها بالنسبة إليهم-كما تحدثنا عنه في موضعه-يعتمد جلها على علماء الجرح والتعديل. فلا يمكن عقلا أن توكل مهمة التعديل أو التجرح لمن لا يتصف بالعدالة. إذ إن فاقد الشيء لا يعطيه.

قال نظام الدين الأنصاري: (ولابد للمزكي أن يكون عدلا).

إن التعديل أو التجرح رتبة لا ينالها كل من اتصف بالعدالة بل هي قمة رفيعة أول لبناتها أن يكون عدلا ثم بعد ذلك ينظر في بقية الشروط الواجب توافرها.

ثانيا: أن يكون ورعا تقيا:

لأن التقوى والورع يمنعان المسلم من التساهل في هذا الأمر الخطير ويعصمانه عن التعصب والهوى، ويحملانه على الإنصاف ومراقبة الله.

يقول الإمام اللكنوي: (ويشترط في الجارح والمعدل العلم والتقوى والورع والصدق والتجنب عن التعصب).

ويجب على الجارح أن ينظر إلى نفسه بعين التجرد لكي يعلم دوافع أحكامه لأن كل إنسان أعلم بخويصة نفسه يقول الإمام اللكنوي: (فإن أنست من نفسك أيها (الجارح أو المعدل) فهما وصدقا ودينا وورعا، وإلا فلا تفعل وإن غلب عليك الهوى والعصبية للرأي أو المذهب فبالله لا تتعب).

ويقول ابن حجر ناقلا قول الإمام ابن دقيق العيد: (أعراض المسلمين حفرة من حفر النار وقف على شفيرها طائفتان من الناس الحكام والمحدثون).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير