تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا مبني على مذهبه في أن الرواية عن المحدثين من قبل العدول تعديل لهم كما تكلمنا عنه في المبحث الخاص عما تثبت به العدالة.

6.ذهب الإمام أحمد وابن تيمية وابن حجر إلى أن الجرح يجب أن يكون مفسرا إذا كان صادرا بحق من ثبتت عدالته ولا يلزم ذلك في حق من لم تثبت له العدالة.

فقد أخرج ابن حجر قول الإمام أحمد (كل رجل ثبتت عدالته لم يقبل فيه تجريح أحد حتى يتبين ذلك عليه بأمر لا يحتمل غير جرحه).

ونقل السيوطي رأي شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: (وأختار شيخ الإسلام تفصيلا حسنا؛ فإن كان من جرح جملة قد وثقه أحد من أئمة هذا الشأن لم يقبل الجرح فيه من أحد كائنا من كان إلا مفسرا لأنه قد ثبتت له رتبة العدالة فلا يزحزح عنها إلا بأمر جلي، فإن أئمة هذا الشأن لا يوثقون من اعتبروا حاله في دينه ثم في حديثه ونقدوه كما ينبغي، وهم أيقظ الناس فلا ينقض حكم أحدهم إلا بأمر صريح. وإن خلا عن التعديل قبل الجرح فيه غير مفسر إذا صدر من عارف لأنه إذا لم يعدل فهو في حيز المجهول وأعمال قول المجرح فيه أولى من إهماله).

أما ابن حجر فقد صرح عن رأيه هذا بقوله: (ومن ثبتت عدالته لم يقبل فيه الجرح، وما تسقط العدالة بالظن).

ثم ضرب أمثلة على ما يعده من الأمور التي لا تسقط عدالة من وثقه أئمة الجرح والتعديل.

فقد جاء في ترجمته للمنهال قوله: (وقد احتج به جماعة إلا أن عمر بن أبي شيبة حكى عن أبي نعيم أنه قال: ما كان بأهل لأن أحدث عنه، وهذا الجرح مردود بل ليس بجرح ظاهر).

ثم بعد ذلك أوضح الأمر الذي جرح به المنهال عند من جرحه فقال: (روى ابن أبي خيثمة بسند له عن المغيرة بن مقسم أنه كان ينهى الأعمش عن الرواية عن المنهال وانه قال ليزيد بن أبي زياد: نشدتك الله هل كانت تجوز شهادة المنهال على درهمين؟ فقال اللهم لا. قلت وهذه الحكاية لا تصح، لأن راويها محمد بن عمر الحنيفي لا يعرف، ولو صحت فإنما كره منه المغيرة ما كره شعبة من القراءة بالتطريب، لأن جريرا حكى عن المغيرة أنه قال كان المنهال حسن الصوت وكان له لحن وزن سبعة. وبهذا لا يجرح الثقة).

7.وذهب الخطيب ومن معه إلى قبول الجرح مبهما من العارف وعدم قبوله من العامي إلا مفسرا.

قال الخطيب: (والذي يقوى عندنا ترك الكشف عن ذلك إذا كان الجارح عالما… لأننا متى استفسرنا الجارح لغيره فإنما يجب علينا بسوء الظن والاتهام له بالجهل بما يصير به المجروح مجروحا… فأما إذا كان الجارح عاميا وجب لا محالة استفساره).

وذكر المنذري رأي هؤلاء بقوله: (ومنهم من قال لا يستفسر الجارح إلا إذا كان عاميا لا يعرف الجرح فأما إذا كان الجارح عالما فلا يستفسر).

المسألة الثانية: مسألة اشتراط العدد أو عدم ذلك في الجرح والتعديل:

ومن المسائل التي اختلف فيها علماء الحديث مسألة اشتراط العدد في الجرح والتعديل بمعنى؛ هل يشترط في الجرح حتى يكون معتبرا ونافذا أن يكون صادرا عن أكثر من واحد؟! أم يكتفى في ذلك بصدوره عن واحد فذ، ومثل هذا أيضا في يقال في التعديل.

وكان اختلاف علماء الحديث في هذه المسألة على فريقين:

الفريق الأول: قالوا لا يثبت الجرح أو التعديل إلا باثنين فصاعدا كما في الشهادات. لأن الجرح أو التعديل بمعنى الشهادة وبما أن الشهادة قد حدها الله تبارك وتعالى برجلين أو رجل وامرأتين فلا تثبت بغير ذلك فكذلك الجرح أو التعديل لا يثبتان إلا بما تثبت به الشهادة.

قال ابن الصلاح (فمنهم من قال لا يثبت ذلك إلا باثنين كما في الجرح والتعديل في الشهادات).

الفريق الثاني: قالوا يكفي الواحد في ثبوت الجرح أو التعديل ومبنى حكم هؤلاء على التفريق بين هذا وبين الشهادات فقد حملوا الجرح والتعديل على محمل الخبر. والخبر يقبل من الواحد أن كان ثقة.

قال النووي: (وهل يشترط في الجارح أو المعدل العدد؟ فيه خلاف للعلماء والصحيح أنه لا يشترط بل يصير مجروحا أو عدلا بقول واحد لأنه من باب الخبر فيقبل فيه الواحد).

وبهذا قال جمهور العلماء من المحدثين. قال ابن الصلاح: (ومنهم من قال: وهو الصحيح الذي أختاره الحافظ أبو بكر الخطيب وغيره أنه يثبت بواحد، لأن العدد لم يشترط في قبول الخبر فلم يشترط في جرح راويه وتعديله بخلاف الشهادات).

ونص ابن حجر على ذلك فقال: (ويكفي الفذ الأوحد في الجرح والتعديل لأنه لم يشترط في الخبر).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير