تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الضابط العاشر: اعتبار ما إذا كان للجارح أو المعدل اصطلاحات خاصة به:

ومن الضوابط المهمة في عملية الموازنة بين الجرح والتعديل مراعاة ما إذا كان للجارح أو المعدل الذي يطلق حكمه اصطلاحات خاصة به إذ قد يكون مدلول ذلك المصطلح عند من يطلقه مغيرا لما هو عند غيره من نقاد الرجال. ولهذا فإن المطلع على علم الرجال كثيرا ما يصادفه عبارات تشير إلى مراد الشيخ الفلاني من الاصطلاح الفلاني.

فمن أمثلة ذلك قول يحيى بن معين: (فلان لا بأس به) يعني (ثقة) وقوله (فلان ليس بشيء) (يعني أن أحاديثه قليلة جدا).

يقول اللكنوي بهذا الصدد: (كثيرا ما تجد في ميزان الاعتدال وغيره في حق الرواة نقلا عن يحيى بن معين (إنه ليس بشيء) فلا تغتر به ولا تظنن أن ذلك الراوي مجروح بجرح قوي فقد قال الحافظ ابن حجر في مقدمة فتح الباري في ترجمة عبد العزيز بن مختار البصري ذكر ابن القطان الفاسي أن مراد ابن معين من قوله (ليس بشيء) يعني أن أحاديثه قليلة).

وعليه فلا يفهم من قول ابن معين (لا بأس به) ما يفهم من غيره إذا قالوا ذلك. وقد نص هو نفسه على ذلك فقد ذكر البدر بن جماعة في مختصره قال: قال ابن معين إذا قلت (لا بأس به) فهو (ثقة) وهذا خبر عن نفسه!

وكذلك الحال معه-أي ابن معين-إذا قال: (فلان يكتب حديثه) فإنه من اصطلاحاته الخاصة. حيث يعني عنده إنه من الضعفاء.

فقد ذكر الذهبي في ميزانه في ترجمة إبراهيم بن هارون الصنعاني قول ابن معين فيه فقال: (قال ابن معين يكتب حديثه أنه في جملة الضعفاء)

ومن الأمثلة على ذلك أيضا قولهم: (تركه يحيى القطان) فإنه ليس على ظاهره إذ المتروك عند غير القطان هو المتهم بالكذب لكن القطان يترك الرواية عن أناس هم عنده أصحاب صدق ومروءة ولكنه يترك حديثهم من جهة حفظهم.

فقد روى الترمذي بسنده إلى علي ابن المديني قال: (ولم يرو يحيى عن شريك ولا عن أبي بكر بن عياش ولا عن الربيع ابن صبيح ولا عن المبارك بن فضالة، قال أبو عيسى وأن كان يحيى بن سعيد القطان قد ترك الرواية عن هؤلاء فلم يترك الرواية عنهم أنه أتهمهم بالكذب ولكنه تركهم لحال حفظهم، ذكر عن يحيى بن سعيد إنه كان إذا رأى الرجل يحدث عن حفظه مرة هكذا ومرة هكذا لا يثبت على رواية واحدة تركه).

ومن المصطلحات الخاصة ببعض أئمة الجرح والتعديل قول تبقى أحمد حنبل في بعض الرواة (هو كذا وكذا).

ففي ترجمة الذهبي ليونس بن أبي اسحق السبيعي أن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: (سألت أبي عن يونس بن أبي اسحق فقال كذا وكذا).

قلت-والقائل هو الذهبي-هذه العبارة يستعملها عبد الله بن أحمد كثيرا فيما يجيبه به والده وهي بالاستقراء كناية عمن فيه لين.

ومن الاصطلاحات الخاصة كذلك قول أبي حاتم (شيخ) يقول الذهبي في ترجمة العباس بن فضل العدني: (سمع منه أبو حاتم وقال: (شيخ) فقوله شيخ ليس هو عبارة جرح… ولكنها أيضا ما هي عبارة توثيق وبالاستقراء يلوح لك أنه ليس بحجة ومن ذلك قوله: (يكتب حديثه) أو (ليس هو بحجة) وسنتكلم عن هذه المصطلحات الخاصة في الفصل القادم إن شاء الله تعالى عند حديثنا عن ألفاظ الجرح والتعديل بتفصيل أكثر.

الضابط الحادي عشر: اعتبار الترتيب الزمني بين الجارح والمعدل:

ونعني بهذا الضابط أنه إذا جرح المجرح راويا سبق لأئمة الجرح والتعديل تعديله فإن جرح المتأخر لا يكون من القوة بحث يمكن معه إسدال الستار على ذلك الراوي وسحب الثقة عنه بعد أن ثبت تعديله من قبل أئمة الجرح المتقدمين. وذلك أن القرب الزمني من الراوي يعطي لأقوالهم فيه قوة وثباتا في حقه أكثر من أقوال من هو أبعد عنه منهم.

فمن ذلك أن أبان بن صالح القرشي وثقه ابن معين والعجلي ويعقوب بن شيبة وأبو زرعة أبو حاتم. وقال النسائي: (ليس به بأس). ثم جاء بعد هؤلاء جميعا ابن عبد البر وابن حزم فحاولا تضعيفه: فقال ابن عبد البر أنه (ضعيف).

وقال فيه ابن حزم مرة أنه (ليس بالمشهور) ومرة قال فيه (ليس بالقوي).

وكلام هؤلاء بعد توثيق الأوائل له لا يقدح فيه. ولذا قال ابن حجر بعد أن نقل كلام الأئمة فيه: (وهذه غفلة منهما وخطأ تواردا عليه فلم يضعف أبانا أحد قبلهما ويكفي فيه قول ابن معين ومن تقدم معه).

الضابط الثاني عشر: اعتبار ما إذا كان المجروح من رواة الصحيحين:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير