تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومازال في كل وقت يكون العالم إماما في فن مقصرا في فنون، وكذلك كان صاحبه حفص بن سليمان ثبتا في القراءة واهيا في الحديث وكان الأعمش بخلافه ثبتا في الحديث لينا في الحروف.

وكذلك الحال مع محمد بن اسحاق بن يسار صاحب المغازي والسير فإن منزلته في السير ليست كمنزلته في الحديث وصفه ابن حجر بأنه (إمام في المغازي مختلف في الاحتجاج به).

أما الذهبي فقد قال عنه (محمد بن اسحق بن يسار أحد الأعلام قوي الحديث ولاسيما في السير) وقد كذبه سليمان التميمي وهشام بن عروة ومالك ويحيى القطان ووهيب وأما ابن معين فقال (ثقة ليس بحجة) وكذا قال النسائي وغير واحد وقال شعبة (صدوق) وقال أحمد بن حنبل (حسن الحديث وليس بحجة).

أما إذا كان الراوي المشهور بفن من الفنون قد ثبت عنه ما يسقط عدالته فلا ينظر إلى ما اشتهر به بل يسقط الاعتبار به مطلقا. كأبي مخنف لوط بن يحيى وهشام بن محمد بن السائب الكلبي.

فقد جاء في كتاب الجرح والتعديل في ترجمة أبي مخنف عن ابن أبي حاتم قال: (سمعت يحيى بن معين يقول أبو مخنف ليس بثقة، ونقل عن أبيه أنه قال أبو مخنف متروك الحديث).

وقال الذهبي: (صاحب تصانيف وتواريخ… قال يحيى ابن معين ليس بثقة. وقال أبو حاتم متروك الحديث وقال الدارقطني أخباري ضعيف).

وأما هشام الكلبي فقد جاء في ترجمته عن الذهبي: (العلامة الإخباري النسابة الأوحد أبو منذر هشام بن الإخباري الباهر محمد السائب بن بشر الكلبي الكوفي الشيعي أحد المتروكين كأبيه… قال أحمد بن حنبل: إنما كان صاحب سمر ونسب ما ظننت أن أحدا يحدث عنه، وقال الدارقطني وغيره متروك الحديث).

وقال فيه موضع آخر (هشام بن محمد بن السائب الكلبي الحافظ واه). وقال ابن حبان (… يروي العجائب والأخبار التي لا أصول لها… وكان غاليا في التشييع، أخباره في الاغلوطات أشهر من أن يحتاج إلى الإغراق في وصفها).

الضابط الخامس عشر: مراعاة ما إذا كان الراوي المجروح قد أخرج له من لا يروي إلا عن ثقة. فقد رأينا في الوسائل التي تثبت عدالة الرواة أن أحد تلك الوسائل أن يروي عنه شخص ألزم نفسه أن لا يحدث إلا عن الثقات.

وكذلك الحال هنا إذا اجتمع جرح وتعديل في شخص ما، فإن من وسائل ترجيح التعديل على التجريح أن يكون قد روى له من لا يحدث إلا عن ثقة.

قال الحافظ ابن حجر: (من عرف من حاله أنه لا يروي إلا عن ثقة فإنه إذا روى عن رجل وصف بكونه ثقة عنده كما لك وشعبة والقطان وابن مهدي وطائفة ممن بعدهم).

لكن يجب أن نعلم أن هذا الضابط ليس على اطراده وعمومه إذ ربما حدث أمثال هؤلاء عن أناس أجمع العلماء على ضعفهم فلا يكون حينئذ تحديثهم عنهم مزكيا لهم. كما هو الحال مع شعبة بن الحجاج الذي حدث عن جابر الحجفي ومحمد بن عبيد الله العرزمي ممن أجمع على تضعيفهم.

وكما حدث الإمام مالك عن عبد الكريم بن أبي المخارق وهو ضعيف.

الضابط السادس عشر: اعتبار ما إذا كان الجارح أو المعدل على علم وإحاطة بمجموع ما قيل في ذلك الراوي، وهذا الضابط يكاد يكون ألصق بالمتأخرين من المتقدمين لأنهم أحوج إلى معرفة مجموع ما قيل في ذلك الراوي. فقد يسارع كثير منهم إلى إصدار حكمه في راو جرحا أو تعديلا وهو لا يعلم أن من المتقدمين من له كلام آخر مغاير لما يريد أن يصدره هو، وهذا يحتم على المتأخرين الذين يروون أحكام النقاد في الرجال أن يكونوا على دراية تامة بجميع ما قاله السابقون من أئمة الجرح والتعديل في اولئك الرواة.

ومن الأمثلة على ذلك، عبد الله بن سليمان الأموي فقد قال عنه عثمان بن سعيد الدارمي سائلا ابن معين: (قلت عبد الله بن أبي سليمان أحب إليك أو ابن جريح فقال كلاهما ثقتان).

في حين أن ابن حجر في ترجمته له في تهذيب التهذيب ما زاد على أنه ذكر قول ابن أبي حاتم فيه أنه (شيخ) ثم قال وذكره ابن حبان في الثقات، ولو أن ابن حجر اطلع على قول ابن معين فيه لما وضعه في هذه المنزلة، إذ من المعلوم أن توثيق ابن معين لا يدع مجالا لمتكلم لما هو عليه من التشدد في الرجال.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير