وقال عمر بن علي الأندلسي معلقا على حديث النبي ?: (المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب ولا الممشقة ولا الحلي ولا تكتحل ولا تختضب) رواه أبو داود والنسائي بإسناد حسن واخطأ ابن أبي حزم حيث قال: لا يصح لأجل إبراهيم ابن طهمان وقال أنه ضعيف، وإبراهيم هذا احتج به الشيخان، وزكاه المزكون ولا عبرة بانفراد ابن عمار الموصلي بتضعيفه).
الضابط الحادي والعشرون: اعتبار خبرة الجارح أو المعدل بمدلولات الألفاظ.
يقول الإمام السبكي وهو يتكلم عن هذا الضابط: (ومما ينبغي أن يتفقد عند الجرح، حال الجارح في الخبرة بمدلولات الألفاظ، فكثيرا ما رأيت من يسمع لفظة فيفهمها على غير وجهها. والخبرة بمدلولات الألفاظ-ولا سيما الألفاظ العرفية التي تختلف باختلاف عرف الناس وتكون في بعض الأزمنة مدحا وفي بعضها ذما-أمر شديد لا يدركه إلا قعيد بالعلم).
ومما يندرج تحت هذا الضابط معرفة أن ألفاظ الجرح والتعديل كانت أكثر شمولا في كتب المتقدمين منها عند المتأخرين.
فمدلول لفظ (الثقة) مثلا كان يطلق عند بعض المتقدمين ويراد به (الثقة) و (الصدوق) والدليل على ذلك أنهم كانوا يقرنون لفظ (الثقة) مع غيرة فيقولون (ثقة صدوق) أو (ثقة مأمون).
ثم بعد ذلك استقلت هذه المصطلحات بعضها عن بعض عند المتأخرين. وهذا الأمر يوجب أن يكون المتعرض لعملية الموازنة متيقظ الذهن فلا يسارع إلى توثيق كل من أطلق عليه الأوائل ذلك اللفظ بل يجب أن يفهم ضمن الإطار العرفي والعصري لذلك الزمان. حتى يستطيع أن يقارب الحق ضمن حدود الطاقة البشرية.
الفصل الخامس/ألفاظ الجرح والتعديل ومراتبها
المبحث الأول/ ألفاظ الجرح والتعديل
المبحث الثاني/ مراتب ألفاظ الجرح والتعديل
المبحث الأول
ألفاظ الجرح والتعديل
لقد استخدم أئمة الجرح والتعديل ألفاظا كثيرة جدا وهم يمارسون عملهم في نقدهم لرواة الحديث. بلغت هذه الألفاظ من الكثرة حدا يتعذر معه جمعها وإحصاؤها إلا بشق الأنفس. وبسبب تعددها هذا وتشعبها كانت متعددة المراتب.
وقد كان من هذه الألفاظ ما هو صريح الدلالة على معناه فلا يختلف فيه، ومنها ما لا يتوصل إلى معناه إلا بالاستقراء أو بالنص من قائله. مما يجعل الأمر أكثر صعوبة لمن يريد أن يقف عند مراتب الرواة ودرجاتهم.
وقد كان علماؤنا الأوائل على درجة كبيرة من الفهم لمدلولات تلك الألفاظ جعلتهم يضعون كلا في منزلته. غير أن توالي العصور عاما بعد عام جعل المتأخرين وهم يقفون أمام ذلك الموروث في الجرح والتعديل يحسون أنهم بحاجة إلى قواعد وضوابط لكي يفهموا مدلولات الألفاظ جيدا، الأمر الذي دفع أئمة بارزين كالإمام الذهبي وابن حجر والسخاوي وغيرهم إلى تنظيم تلك القواعد وترتيب تلك الألفاظ حسب ما يقتضيه واقع الحال.
فبغير هذه الضوابط والقواعد ربما نصل إلى عكس مراد أئمتنا الأوائل لذا فإن الوقوف على مناهج العلماء في ألفاظ جرحهم وتعديلهم يعد من ضروريات علم الجرح والتعديل.
وقد سلك أئمتنا طريقين في جرح الرواة أو تعديلهم هما:
الأول: الألفاظ. الثاني: الحركات.
أولا: الألفاظ: ونعني بها أن يصدر الجارح أو المعدل حكمه على الراوي بلفظ من ألفاظ الذم أو المدح.
وألفاظ الجرح والتعديل يمكن أن تقسم على ثلاثة أقسام:
الأول: الألفاظ العامة في الجرح والتعديل.
الثاني: الألفاظ الخاصة في الجرح والتعديل.
الثالث: الألفاظ النادرة في الجرح والتعديل.
فالألفاظ العامة تكون على فرعين:
أ. ألفاظ عامة في التعديل وهي:
1. (ثقة) وهو العدل التام الضبط هذا هو المشهور.
لكن قد يطلق لفظ الثقة على من كان مقبولا ولو لم يكن تام الضبط.
2. (ثقة ثقة) قال السخاوي: (التأكيد الحاصل بالتكرار فيه زيادة على الكلام الخالي منه، وعلى هذا فما زاد على مرتين يكون أعلى منها كقول ابن سعد في شعبة "ثقة مأمون ثبت حجة صاحب حديث" وأكثر ما وقفنا عليه من ذلك قول ابن عيينه: "حدثنا عمرو بن دينار وكان ثقة ثقة بتسع مرات وكأنه سكت لانقطاع نفسه").
3 - (ثبت).
4. (حجة).
5.كأنه مصحف.
6.حافظ ثقة.
7.متقن.
8.صدوق.
9.صالح الحديث.
وغير ذلك من الألفاظ التي تدل على التوثيق ولا يختلف في دلالتها.
ب. ألفاظ عامة في التجريح: وهي كثيرة جدا لكنا سنتعرض للمشهور منها وما شاع اطلاقه، فمن ذلك:
¥