تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فصار الخارج من الصنف الأول -الخارج من العدالة-: من تحققنا عدم عدالته، ثبت عندنا أنه ليس بعدل؛ فهذا يطرح حديثه، ولا يقبل لا في المتابعات ولا في الشواهد، ووجود حديثه كعدمه، لا أثر له في تقوية الأحاديث، كما أنه ليس صالحا في نفسه.

وأما المبتدع - وهو الذي يحتاج إلى عناية-: فروايته مختلف فيها، سواء قلنا: إنه عدل، أو قلنا: إنه غير عدل، وسيأتي بحث المؤلف -رحمه الله تعالى- في رواية المبتدع، ويكون هناك التفصيل في هذه المسألة لبيان عمل أئمة الحديث -رحمهم الله-، والتفريق بين الرواية عن الراوي وبين قبول روايته.

والصنف الثاني الذي يخرج بهذا القيد: هو من لم تتحقق عدالته، القسم الأول: تحققنا عدم عدالته، والقسم هذا: لم نتحقق العدالة، ولكن ما تحققنا عدم عدالته.

فهناك تحقق العدالة: هذا هو الذي يدخل في حد الحديث الصحيح، وتحقق عدم العدالة: يخرج به المرء عن أن يكون من رواة الحديث الصحيح.

وأما من لم تتحقق عدالته: لا ندري هل هو عدل أو غير عدل؟ فهو أيضا يخرج بهذا القيد، يخرج بقيد العدالة من لم نتحقق عدالته.

وهذا يشمل المبهم مثل: إذا قال عن رجل أو عن بعض الناس أو عن بعض أصحابنا أو نحو ذلك؛ هذا يسمى مبهما، أو كان مجهول العين: وهو -كما ذكره الخطيب- من روى عنه واحد، ولو يوثق هذا يسمى " مجهول العين ".

وكذلك يخرج به مجهول الحال: وهو من روى عنه اثنان فأكثر، ولكنه لم يذكر بجرح ولا تعديل، ويسمى " المستور ".

فهؤلاء الثلاثة يخرجون بقيد العدالة، لا لطعن في العدالة، ولكن لعدم تحقق العدالة، وسبق لنا أن ذكرنا أن شروط الصحيح، أو أن وجود العدالة شرط ثبوتي، يعني: لا بد من وجوده في الراوي؛ حتى يحكم لحديثه بالصحة.

فـ " قيد العدالة " أخرج صنفين: من تحققنا عدم عدالته، ومن لم نتحقق عدالته أو لم نتحقق أهليته للرواية أو لرواية الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

فإذا جاءنا مجهول أو مبهم: فإننا لا نحكم لحديثه بالصحة؛ لفقده شرطا من شروط الصحة وهي العدالة، ولكن المبهم والمستور ومجهول العين: هؤلاء حالهم أخف بكثير من الأولين أو من الصنف الأول؛ لأن الصنف الأول: وهو الكذاب والسارق والمتروك أو المتهم في دينه أو في حديثه، هذا لا يقبل حديثه مطلقا لا في الاعتبار ولا في الاحتجاج.

وأما بالنسبة لهذا الصنف الثاني للمجهول والمبهم: فهذا يقبل كثير من أهل العلم، أو بعض العلماء يقبلون حديثه في المتابعات، فإذا جاءه راو يتابعه على حديثه قبلوا حديثه، وإلا لم يقبلوا حديثه.

فكان الفرق بين من قدح في عدالته ومن لم نتحقق عدالته: أن الأول متروك أو ساقط الرواية مطلقا، وأما الثاني فيقبل إذا وجد له متابع عند طائفة من أهل العلم.

وهذه العدالة إذا قلنا: إنه لا بد من وجود العدل؛ لا بد لنا أن نعرف عبارات أهل العلم في تثبيت العدالة، كيف نعرف من كلام أهل العلم أن فلانا عدل؟

وهذه من يعني من المسائل المهمة؛ لأن كونك تعرف أن العدل من كان أكثر أحواله طاعة الله، هذا أمر ميسور، لكن تطبيقه على كلام الأئمة المتكلمين في الرجال هو المهم.

فأحيانا يصف العلماء الراوي بأنه عدل، وهذا لا إشكال فيه لظهوره، هذا لا إشكال فيه؛ لأن كلامهم ظاهر وموافق للفظ المذكور في تعريف الحديث الصحيح، إذا قالوا: " فلان عدل " يعني: أنه ليس فيه ما يخل بدينه.

وتارة يعبرون عن العدالة بقولهم: " صدوق " إذا قالوا: " صدوق أو صالح " يعبر بها عن العدالة، فمن قيل فيه ذلك فقد ثبتت عدالته، والأول من كلمة " عدل " هذه ليست بكثيرة، والثانية هي التي " صدوق وصالح " هذه أكثر، هذه أكثر من الأولى.

وأحيانا يصفون حال الراوي وعبادته بما يتبين للمطلع على حاله بأنه عدل في دينه؛ فتجد في بعض التراجم يقول: فلان كان يصوم النهار ويقوم الليل، أو كان فلان يصنع كذا وكذا من أنواع الطاعات والعبادات.

فهذه مثبتة لعدالته ما لم يرد ما يناقضها؛ لأن بعض الناس قد يكون زاهدا ورعا صالحا في نفسه، ولكن يقع منه كذب يرد به حديثه، وهذا الكذب إنما فعله لمعنى من المعاني - كما يأتي إن شاء الله -.

فالشاهد: أنه إذا وصف الراوي بالطاعة، وعرف من حاله قيامه بالواجبات وتركه المحرمات؛ فهو عدل في دينه، ولو لم ينص العلماء على أنه عدل أو صدوق أو صالح.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير