تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإذا أردنا تطبيقه على كلمة " المتقن " في هذا الحديث نقول: هو متقن فيما حدث فيه من كتابه؛ فإذا حدث من كتابه دخل في حد الحديث الصحيح أو دخلت روايته في حد الحديث الصحيح، وإذا حدث من غير كتابه -يعني: من حفظه- فحديثه ليس داخلا في حد الصحيح.

لأنه والحالة هذه- ليس بضابط ولا متقن، ومن شرط الحديث الصحيح أن يكون راويه متقنا؛ لأننا الآن نذكر حد الحديث الصحيح لا نذكر صفة الرجل، وهذا الرجل إذا روى من كتابه انطبق عليه أنه متقن وأنه ضابط فدخل في حد الحديث الصحيح، وإذا حدث من حفظه خرج من هذا أو خرج من حد الحديث الصحيح؛ لأنه عندئذ لا يكون متقنا ولا ضابطا، فلا يشمله حد الحديث الصحيح.

وتارة يكون الراوي متقنا في زمان معين، وهذا في الرواة المختلطين: يذكر أهل العلم أنه إذا حدث قبل اختلاطه فيحكم لحديثه بالصحة، بل بعضهم حديثه في أعلى مراتب الصحة، ومخرج له في الصحيحين إذا كان قبل الاختلاط، وأما بعد الاختلاط فحديثه ضعيف.

وهذا كثير أو في جملة كبيرة من العلماء مثل: " الجريري سعيد بن أبي عروبة " وجماعة هؤلاء: إذا حدثوا قبل الاختلاط فحديثهم صحيح؛ فينطبق عليهم أنهم متقنون، ويشملهم حد الحديث الصحيح؛ ولهذا خرج حديثهم الذي قبل الاختلاط في الصحيحين.

وأما إذا كان حديثهم بعد الاختلاط فهؤلاء يكون حديثهم ضعيفا؛ لأنهم عندئذ لا يكونون متقنين، فليسوا بداخلين في حد الحديث الصحيح.

وتارة يقيد العلماء الضبط والإتقان بمكان، تارة يقيد بمكان كما إذا قالوا: إذا روى فلان أو حدث فلان في البلد الفلاني فحديثه صحيح، وإذا حدث في غيره فحديثه ليس بصحيح.

وهذا كما قيل في " معمر ": " معمر حجة بلا نزاع " كما قال العراقي، ولكن إذا حدث في " اليمن " فحديثه صحيح، وإذا حدث في" البصرة " فحديثه ضعيف.

وكذلك " المسعودي " إذا حدث في" الكوفة " فحديثه صحيح، وإذا حدث في " بغداد " فحديثه ضعيف.

فإذا طبقنا تعريف الحديث الصحيح، واشترطنا أن يكون راويه متقنا ضابطا؛ وجدنا أن " المسعودي " متقن في روايته بـ " الكوفة " غير متقن في روايته بـ " بغداد " أو غير حافظ في روايته بـ " بغداد "؛ فنحكم على حديثه في هذا المكان في " الكوفة " بأنه صحيح، وأن الراوي ضابط ونحكم على حديثه بـ " بغداد " بأنه ضعيف؛ لأنه عند تحديثه في " بغداد " قد فقد شرطا من شروط الصحة وهو: " الإتقان والضبط".

وتارة يقيد العلماء الضبط بأهل بلد يقولون: إذا روى فلان عن أهل هذا البلد فهو ثقة، وإذا روى عن غيرهم فهو ضعيف.

وهذا كما قيل في " إسماعيل بن عياش " إذا روى عن الشاميين: إذا كان شيخه شاميا فحديثه صحيح، وينطبق عليه حد الحديث الصحيح؛ لأنه حينئذ يكون متقنا، وشرط الحديث الصحيح أن يكون راويه متقنا؛ فانطبق عليه هذا الشرط فيما حدث به عن الشاميين.

وأما إذا حدث عن غير أهل الشام من الحجازيين والعراقيين وغيرهم؛ فهذا نحكم لحديثه بالضعف، لأن حديثه أو لأنه في حديثه عن غير الشاميين لا يضبطه ولا يحفظه؛ فكان حديثه ضعيفا، فلا ينطبق عليه شرط الحديث الصحيح وهو: " وجود الإتقان ".

وكذلك أحيانا يقيدون الضبط بشيخ معين يقولون: فلان إذا حدث عن فلان فهو ثقة، وإذا حدث عن غيره فهو ضعيف.

هذا كما في " عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روان " هذا قال العلماء: إذا حدث عن ابن جريج فهو ثقة وحديثه صحيح، وإذا حدث عن غير ابن جريج فحديثه ضعيف.

فإذا وجدنا حديثا حدث به " عبد المجيد بن أبي روان " فننظر: هل شيخه ابن جريج أو غير ابن جريج؟ إذا كان ابن جريج حكمنا لحديثة بالصحة؛ لأنه ينطبق عليه شرط الصحيح وهو الإتقان.

وأما إذا كان شيخه غير ابن جريج فنحكم على حديثه بالضعف؛ لأنه لا يكون حافظا عندئذ للحديث، ومن شرط صحة الحديث أن يكون راويه حافظا أو ضابطا أو متقنا له.

وأحيانا يقيدون الضبط بفن أو بعلم من العلوم: كما ذكر عن ابن إسحاق -صاحب السيرة- فبعض أهل العلم يقول: إذا حدث، إذا كان حديثه في السير والمغازي فهو ثقة حجة، وأما في غيرها فهو ضعيف.

فيميزون بحسب العلم؛ لأن بعض المحدثين أو بعض الرواة يكون له مزيد عناية أو عناية تامة بعلم من العلوم، يصرف وقته وهمته ونشاطه وحفظه فيه، كما كان يصنع ابن إسحاق في تتبعه للمغازي والسير، وأما غيرها فيضعف جانبه فيه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير