تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، تقدم فيما مضى اختلاف أهل العلم في حد الحديث الحسن، ومن ضمن الأقوال التي أوردها المؤلف في حد الحديث الحسن، قول الإمام الترمذي- رحمه الله-: وتبين به أنه يشترط ثلاثة شروط في الحديث الحسن، فدل ذلك على أن الحديث الحسن دون الحديث الصحيح؛ لأن الحديث الصحيح كما سبق لنا قد أجمع أهل العلم على أنه لا بد أن تتوافر فيه خمسة شروط.

والترمذي -رحمه الله- -رحمه الله- جاز في الحديث الصحيح على اصطلاح المحدثين، وكونه يشترط شروط للحديث الحسن، يدل على أنه مغاير للحديث الصحيح، وهذه الشروط التي اشترطها في الحديث الحسن تدل على أنه دون الحديث الصحيح، بل دونه بمراحل، ومن هنا استشكل بعض أهل العلم قول الترمذي- رحمه الله- على بعض الأحاديث حسن صحيح؛ لأن كلمة حسن تقتضي أن يزول عن رتبة الصحيح.

وكلمة صحيح فوق كلمة حسن، فهو جمع في هذا الوصف، أو في هذا الحكم بين مرتبتين، أو بين وصفين بينهما اختلاف كبير، أحدهما أدنى والآخر أعلى، وقد تعددت أجوبة أهل العلم عن هذا الجمع بين الحسن والصحة في حديث واحد، وقد ذكر المؤلف- رحمه الله- بعض هذه الأقوال، فأحد هذه الأقوال أن يكون الحديث له إسنادان، إسناد حسن وإسناد صحيح، فهو حسن باعتبار إسناد، وصحيح باعتبار إسناد آخر.

ثم أبطل المؤلف هذه الوجهة؛ لأن هناك أحاديث حكم عليها الترمذي بأنها حسنة صحيحة لا تعرف إلا من هذا الوجه، وقوله: لا تعرف إلا من هذا الوجه عن الحديث، يدل على أنه ليس له إسناد إلا واحد، فإذا قلنا إن الترمذي يحكم على الحديث بكونه حسنا صحيحا باعتبار إسنادين، جاءتنا هذه اللفظة، وهي قوله حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه، ولو كان مراده حسنا بإسناد صحيحا بإسناد، كانت هذه العبارة وهي قوله: لا نعرفه إلا من هذا الوجه مبطلة لهذا الأمر.

وإبطال هذه الوجهة بهذا القول فيه ظهور، إلا أن أيضا عليه إشكالا، وهو أن هناك وصفين، حسن صحيح، وحسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه، والذين قالوا: إن قوله حسن صحيح أي بإسناد حسن بإسناد واعتبار بإسناد آخر، قد لا يلزمهم هذا الاعتراض؛ لأن هذه لفظ مركب من شيئين، والآخر لفظ مركب من ثلاثة أشياء، وهم إنما حكموا على ما ركب من شيئين وهو الحسن والصحة.

نقد قول الترمذي حديث حسن صحيح-تابع

ويسوغ أن يكون مراده بالحسن المعنى اللغوي لا الاصطلاحي، وهو إقبال النفوس وإصغاء الأسماع إلى حسن متنه وجزالة لفظه، وما فيه من الثواب والخير فكثير من المتون النبوية في هذه المثابة، قال شيخنا: ابن وهب فعلى هذا يلزم إطلاق الحسن على بعض الموضوعات، ولا قائل بهذا.


يعني: أن قوله: حسن صحيح إحداهما أو إحدى هاتين اللفظتين راجعة إلى المتن بمعناها اللغوي، والأخرى راجعة إلى اصطلاح أهل الحديث وهو الصحة، يعني: اختفاء الحديث شروط الصحة، فعلى هذا يكون المراد، يعني: أن الحديث صحيح ومتنه فيه حسن، وجمال باعتبار اللغة ثم نقل عن شيخة ابن دقيق العيد ما يبطل هذا القول، وهو أن بعض الأحاديث الموضوعة يكون في متنها حسن وجمال.

ثم إنه أيضا لو أخذ بهذا الأمر اللغوي، للزم عليه أن تكون كل أحاديث النبي- عليه الصلاة والسلام- توصف بالحسن، فالغريب- مثلا- يكون حسنا على هذا، والصحيح يكون حسنا، ويكون هناك حسن، حسن لأنه حسن بإسناد، وحسن من ناحية اللغة، ثم إن هذا القول خلاف ما يبحث فيه أهل العلم؛ لأن الإمام الترمذي إنما يبحث أو يعلق عليها باصطلاح من اصطلاحات أهل العلم.

وهذا الاصطلاح أو هذه اللفظة إطلاقها من الحافظ الترمذي -رحمه الله-، ليس هو أول من قال بها وإنما سبقه غيره، كعلي بن المديني وآخرون، سبقوه إلى إطلاق هذه اللفظة، فيلزم عليه أن أهل الفن يطلقون هذه اللفظة ويريدون بها الحسن اللغوي، وهذا خلاف الظاهر لأن جميع الأحكام التي أوردها الترمذي في صحيحه أو في جامعه، إنما أراد بها اصطلاح أو بيان اصطلاح أهل الفن وأحكامهم على هذه الأحاديث.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير