تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والحافظ بن كثير- رحمه الله- يرى أن قوله: حسن صحيح مرتبة متوسطة بين الصحة والحسن، فيكون عنده أو تكون الأحاديث عنده مراتب الصحيح، ثم الحسن الصحيح، ثم الحسن ثم الضعيف، ويكون هذا كقولهم: في المز حامض حلو، فهو مشوب بالحلاوة والحموضة، والحديث الذي يقال فيه حسن صحيح، كأنه جمع بين الحسن من جهة وبين الصحة من جهة فتجاذبه الطرفان.

وهذا الكلام الكلام، كلام غير صحيح، كما نص عليه الحافظ بن رجب- رحمه الله-، أو كلام بعيد؛ لأن هناك أحاديث رويت بأسانيد وصفت بأنها أصح الأسانيد، كمالك عن نافع عن ابن عمر والزهري عن سالم عن أبيه، ومع ذلك قال فيها الترمذي: حسن صحيح، قال عن سندها حسن صحيح، وهذه الأسانيد التي وصفت بأنها أصح الأسانيد، هذه مرتفعة عن رتبة الحسن وبالغة رتبة الصحة، بل بالغة أعلى مراتب الصحة، كما تقدم معنا فليست مشوبة بحسن، كما ذكرها الحافظ بن كثير- رحمه الله تعالى-.

والحافظ ابن حجر يرى أن قوله: حسن صحيح هذا ينصرف على وجهين: إن كان الإسناد أو الحديث الوارد في السنن له إسناد، فكلمة حسن صحيح راجعة إلى هذين الإسنادين، فيكون إسناد منها حسنا، وإسناد منها صحيحا، وإن لم يكن للحديث إلا إسناد واحد.

فيكون المعنى أن الإمام الترمذي- رحمه الله- متردد في الحكم على الحديث، هل هو حسن؟، أم قد بلغ رتبة الصحة؟ فقوله: حسن صحيح، هذا إشارة إلى أن هناك اختلافا في هذا الحديث، هل هو يبلغ درجة الصحة؟، أو هو باق على الحسن؟ وهذا كلام كله بعيد، والأظهر ما تقدم لكم أن اصطلاحات الترمذي فيها ما هو مفرد، وفيها ما هو مركب، وفيها ما شرحه المؤلف، وفيها ما لم يشرحه المؤلف.

وسبق لنا أنه بين لنا معنى الحسن ومعنى الغريب، فهذه إذا وردت أو فهذان إذا وردا مفردين، وجب أن نفسرهما بما فسرهما به المؤلف- رحمه الله-، وأما إذا ورد لفظه المركب من هذين اللفظين أو من واحد منهما وغيره من الألفاظ الأخر، فلا ينبغي أن نحمل اللفظ المركب على الألفاظ المفردة التي شرحها المؤلف، ونجزم بأن هذا مراد المؤلف، وهذه المسائل، أو اصطلاحات الإمام الترمذي- رحمه الله- كل من تكلم عليها، وجه باعتراض وانتقاد ونقد لما قال ولم يتحرر منها شيء إلى هذه الساعة.

نقد قول الترمذي حديث حسن صحيح-تابع

ثم قال: فأقول لا يشترط في الحسن قيد القصور عن الصحيح، وإنما جاء القصور إذا اقتصر على حديث حسن فالقصور يأتيه من قيد الاقتصار، لا من حيث حقيقتة وذاته.


يعني: أن الحديث إذا وصف بأنه حسن فقط مفردا، ها هنا يأتي القصور، وأما إذا جمع قوله حسن صحيح، فها هنا لا يأتي القصور؛ لأن القصور إنما هو مقيد بلفظ الحسن فحسب كما شرح المؤلف -رحمه الله- الترمذي اصطلاحا. نعم.

نقد قول الترمذي حديث حسن صحيح-تابع

ثم قال فللرواة صفات، تقتضي قبول الرواية ولتلك الصفات درجات بعضها فوق بعض كالتيقظ والحفظ والإتقان فوجود هذه الدرجة الدنيا كالصدق مثلا وعدم التهمة لا ينافيه وجود ما هو أعلى منه من الإتقان والحفظ فإذا وجدت الدرجة العليا لم يناف ذلك وجود الدنيا كالحفظ مع الصدق فصح أن يقال حسن باعتبار الدنيا، صحيح باعتبار العليا ويلزم على ذلك أن يكون كل صحيح حسنا، فيلتزم ذلك وعليه عبارات المتقدمين، فإنهم قد يقولون فيما صح هذا حديث حسن.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير