تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فأعلى مراتب الحسن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ومحمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وابن إسحاق عن محمد بن إبراهيم التيمي وأمثال ذلك.


هذه المراتب من أهم ما يذكر في مبحث الحديث الحسن، فقد تقدم لنا كلام المؤلف حول مراتب الصحيح، وقد قسمها هناك ثلاثة أقسام، أو رواة الصحيح قسمهم إلى ثلاث مراتب، والمرتبة الثالثة: من مراتب الحديث الصحيح، ذكر أنها تصلح أن تكون المرتبة الأولى من مراتب الحسن.

لكن لما جاء ها هنا في مبحث الحسن، كأن المؤلف استقر اصطلاحه على أن تلك المراتب خاصة بالصحيح، وأن ما كان أدنى من المرتبة الثالثة الذي قد نجعله مرتبة رابعة هو مبتدأ الحديث الحسن، وتردد المؤلف ها هنا إنما جاء لتردده في دخول الحسن في الصحيح، هل هو آخر مراتب الصحيح؟، أو هو مرتبة مستقلة كما سبق بيانه، ولو تأملنا في هذه المرتبة التي ذكرها المؤلف- رحمه الله- جعلها من أعلى مراتب الحسن، لوجدنا أن أهل هذه المرتبة ليس فيهم أحد مطعون في عدالته، إلا ابن إسحاق- رحمه الله-.

وهذا الطعن الطعن أو الطعن المتجه أو الموجه إلى عدالته من قبل بعض أهل العلم، هذا غير وجيه، وعبارة الطاعن محتملة؛ لأن هشام بن عروة طعن عليه أو كذبه؛ لأنه كان يزعم أو كان يروي عن امرأته، عن امرأة هشام بن عروة، كان ابن إسحاق يروي عن امرأة هشام بن عروة فكذبه هشام؛ لأنه يظن أنه كيف يروى عن امرأته ولم يرها، وقد رد ذلك أهل العلم من الإمام أحمد ومن بعده؛ لأن الراوية لا يلزم منها الرؤية فلا تلازم بين الرواية والرؤية.

ولهذا كانت عائشة وغيرها من الصحابيات يحدثن أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- ومن بعدهم من التابعين من وراء حجاب، فامرأة هشام بن عروة حدثت ابن إسحاق من وراء حجاب، وأما من جاء بعد هشام بن عروة، مثل يحيى بن سعيد والإمام مالك وغيرهم، فهؤلاء تكذيبهم لابن إسحاق ليس مبنيا على دليل ظاهر واضح، إما أن يكون بسبب التحامل والشحناء التي كانت بين الإمام مالك وابن إسحاق، أو يكون بسبب كثرة مرويات ابن إسحاق عن أهل الكتاب، وهو له حجة فيما يصنع وهو قوله- صلى الله عليه وسلم -: حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج أو لأن ابن إسحاق كان يدلس عن مجهولين ويأتي بغرائب، أو أن من جاء بعد هشام بن عروة قد قلد هشام بن عروة- رحمه الله-.

فالشاهد أن كل أهل هذه الطبقة لم يثبت، أو لم يطعن أحد منهم في عدالته، اللهم إلا ابن إسحاق، والطعن في عدالته مدفوع، ولهذا الخطيب البغدادي- رحمه الله- ذكر أن الصدق عن ابن إسحاق ليس بمدفوع، يعني: أن الصدق ثابت له- رحمه الله-، فالطبقة هذه تشترك في كون أصحابها ذوي عدالة، وهذا هو شرط لا بد من توافره في الحديث الحسن، أو في راوية الحديث الحسن.

والشرط الثاني: الذي اشتركت فيه هذه المجموعة، أننا لو اطلعنا على تراجمهم لوجدنا أن كل راو من هؤلاء الرواة الأربعة فيهم اختلاف، بهز فيه خلاف، عمرو بن شعيب فيه خلاف، ابن إسحاق فيه خلاف، محمد بن عمرو بن علقمة فيه خلاف، فهؤلاء كل واحد منهم فيه خلاف.

لكن هذا الخلاف خلاف قوي بين الأئمة، فمنهم الموثوقون، بل بعضهم يوصف بأعلى درجات التوثيق، كما قال شعبة في محمد بن عمرو بن علقمة، ومحمد إسحاق وصف كل واحد منهما بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهناك من ضعفهم، لكن التضعيف الوارد في شأنهم ليس شديدا فهم حالهم دائرة بين التوثيق وبين التضعيف، والتضعيف لم يضعفهم أحد تضعيفا شديدا، وهذه النقطة مهمة؛ لأنه إذا ضعف الراوي تضعيفا شديدا دل على كثرة المناكير في حديثه، وعدم ضبطه وإتقانه.

أما أصحاب هذه المرتبة لم يطعن في أحدهم من جهة حفظه بطعن شديد، والخلاف -كما سبق- في التوثيق قائم، والمرجحات في جانب التوثيق أقوى، لكن ليس مجزوما بها، التوثيق أو المرجحات في جانب التوثيق في هؤلاء أقوى، لكن ليست قاطعة، ولو كانت قاطعة لانتقلوا إلى رتبة الثقة، ولو كانت المرجحات إلى جهة الضعف قاطعة، لنزلوا إلى رتبة الضعيف، لكن المرجحات ها هنا ليست قاطعة جازمة لارتقائهم إلى درجة الصحيح.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير