أولاً: أصيل أصيل في تحقيق المخطوطات أن تتحقّق من نسبة الكتاب إلى صاحبه، ولذلك طرق علمية يمكنك أن يسأل عنها صاحبك، بل؛ الأفضل أن يترك ذلك إلى من يحسنه، وما أكثرهم في أهل السنّة والحمد لله.
وأخبر صاحبك الذي تزكّيه، وتستبعد أن يكذب على النبي صلى الله عليه وسلّم؛ أنّ عليه ـ وعليك ـ إذا شككتَ في صحة قطعةٍ ما؛ أن تتوقّف وتتمعّن وتسأل أهل الاختصاص.
وإذا رأيتَ أن: 1) الورق رقيق.
2) الخط حديث.
3) ليس على النسخة تملكات ولا سماعات!!
4) ثم سألتَ المتخصص فقال لك لقد مضى على النسخ خمسون أو ستون عامًا.
فما المطلوب أكثر من ذلك حتى يتوقف عن تحقيقه ونشره بين المسلمين تعظيمًا للتراث؟
واكتفيتُ بقراءة مقدمة التحقيق للشيخ عيسى فقط، على أساس أن يكون الحكم على النسخة والعمل من قِبل أهل العلم والمتخصصين في المخطوطات.
والله إن هذا لعجيب!
بل هو أعجب العجب!
لقد سبق وأرسلتما النسخة إلى مركز متخصص في المخطوطات، فقال إن هذا منسوخ منذ 50 أو 60 عامًا!
فهل قررتما بعد ذلك أن تطبعا النسخة ثم تتركوا الحكم على العمل للمتخصصين في المخطوطات؟؟
والأهم من ذلك ..
هل الصواب أن تطبع النسخة وتنشر بين المسلمين، المتخصصين وغير المتخصصين، بل؛ تنشر والمستشرقون لعلومنا بالمرصاد ..
ثم بعد ذلك نطلب رأي المتخصصين؟؟؟
والأهم من ذلك ..
ما علاقة نشر القطعة في (جزء مطبوعٍ) بـ (حكم المتخصصين على المخطوط)؟؟
ومتى وأين وكيف سيحكم المتخصصون على المخطوط؟
وبالله ..
ما فائدة أن يحكم المتخصصون على المخطوط بعد أن طبع بالفعل ونسب إلى عبد الرزاق؟؟
لا فائدة من طلب رأي أهل العلم والمتخصصين بعد أن طبع الكتاب بالفعل، وإنما يجب على الحريص على السنة أن يعتبر برأي المتخصصين قبل أن يطبعه، لا أن يقول له المتخصص (لقد مضى على النسخ خمسون عامًا)؛ وكذلك يلاحظ هو بنفسه (!!) أن النسخَ حديث، والورق رقيق!
ثم يقوم المحقق بطبعه ويقول: أنتظر رأي المتخصصين في المخطوطات!!
أنتظر رأي أهل العلم!
نعم؛ ربما ينتظرُ بعضُ المحققين رأي أهل العلم في درجة اعتنائه بالعمل،
في مستوى خدمته للتراث،
بعد أن يطبع ويقومَ بالعمل ..
لكننا ما سمعنا قط (ولا أرانا سنسمع بعدُ!) بمن يحقق شيئًا من التراث، وينتظر بعد ذلك رأي المتخصصين في صحة نسبة المخطوط إلى المنسوب إليه، ويقول: لقد طبعته؛ وأنتظر رأي المتخصصين في المخطوطات، هل هذا منحول أم لا!
ولا أدري، هل قام المحقق بتوزيع نسخ من المخطوط (الأصلي) على المتخصصين بعد الطبع أم لا!!
فإن كان لا؛ فكيف ينتظر رأي المتخصصين في المخطوطات؟؟!
ثانيًا: من باب الفائدة، وحتى لا يقع أحدٌ في مثل هذا مجدّدًا؛ نرجو منك أن تتكرّم وتخبرنا ما هي القرائن الكثيرة التي وقفت عليها بعد ذلك فزعزعت ثقتك (التي لا نعرف من أين نشأت) بهذه القطعة، كما نرجو أن تخبرنا، كيف توصّلتَ إلى هذه القرائن بعد ذلك، ولماذا لم تسعَ إلى ذلك قبل الإقدام على النشر، وذلك على حدّ قولك:
ثانياً: تبين لي فيما بعد بقرائن كثيرة أنَّ ثقتي في تلك القطعة لم تكن صحيحة، وأنَّ هذه القطعة لا ينبغي الاعتماد عليها البتة.
ثالثًا: قولك إنّه
تقرَّر في علوم الحديث أنَّ راوي الموضوعات أو المنكرات ليس بوضَّاعٍ ولا منكر الحديث؛
عبارة مضطربة، غير صحيحة بهذا الإطلاق، ولو صحّت فليس في الدنيا وضاع واحد، ولا منكر الحديث، فتأمّل!
ثم انظر إلى خلطك الذي يحيّر القارئ غير النّبيه، حين تقول:
وجُلُّ الحُفَّاظ رَووا الموضوعات والمنكرات والواهيات، ولم يُتَّهموا بالكذب أو الوضع،
وتخيّل لو قيل (إن أكثر حفاظ الحديث رووا الموضوعات والمنكرات والواهيات) هكذا من غير تفصيل؛ كيف ستُفهم العبارة؟!
فالصواب الذي يفهمه أهل الحديث أنّه يفرّق بين أمرين:
الأول: من أسند الحديث، ورواه على وجهه كما سمعه من شيخه، فهذا لا تثريب عليه، وسواء كان بينه وبين منتهى السند من وضع أو كذب أو أخطأ أو لم يكن.
وهذا هو الذي كان بعض الحفّاظ يفعله، والحذّاق منهم يعرفون كل خلل وقع في كل رواية من هذه الروايات، وربما أشاروا إليه إشارات لطيفة، أو نصّوا عليها في نفس الموطن أو في موضع غيره.
¥