ويظهر أن أصل هذه التسمية من الخطيب البغدادي رحمه الله، فقد ألف في هذا الباب كتاباً أسماه (السابق واللاحق في تباعد ما بين وفاة راويين عن شيخ واحد) (1)، وقد قال في خطبته (ص48 - 49): (هذا كتاب ضمنته ذكر من اشترك في الرواية عنه من تباين وقت وفاتيهما تبايناً شديداً، وتأخر موت أحدهما عن الآخر تأخراً بعيداً، وسميته (كتاب السابق واللاحق)، إشارةً إلى إلحاق المتأخر بالمتقدم في روايته، وإن كان غير معدودٍ في أهل عصره وطبقته؛ وقد كان أبو الحسن علي بن عمر بن محمد الحربي فيما ذَكر لنا عنه علي بن أبي علي البصري يقول على سبيل الافتخار: لألحقنّ الصغار بالكبار ----.
ويجمع هذا الفن بين فضل علو الإسناد في النفوس وتوجه لذة حلاوته في القلوب).
وقال محقق الكتاب الشيخ محمد مطر الزهراني رحمه الله تعالى في مقدمته (ص12): (لم أقف على من عرّف بالسابق واللاحق قبل الخطيب البغدادي فيما اطلعت عليه من كتب المصطلح).
ثم ذكر تعاريف أشهر علماء المصطلح بعد الخطيب لهذا الفن، وقال بعد ذلك (ص13): (والناظر في هذه التعريفات يجدها متقاربة جداً، بل متحدة، ويجد أن من جاء بعد الخطيب لم تختلف تعاريفهم عن تعريف الخطيب---).
ثم قال (ص14): (وقد ذكر السخاوي وزين الدين العراقي وزكريا بن محمد الأنصاري وابن العماد وغيرهم أن الذهبي قد تابع الخطيب في هذا النمط من التأليف، فألف في هذا الفن كتاباً سماه (التلويح بمن سبق ولحق)؛ ولم أقف على ذكْر من ألف في هذا الفن غير الخطيب والذهبي). انتهى.
وقال ابن حجر في (نخبة الفكر): (وإن اشترك اثنان عن شيخ، وتقدم موت أحدهما: فهو السابق واللاحق).
وأراد بتقدم موت أحدهما على موت الآخر: أن يكون الفرق بين وفاتيهما كبيراً أي منافياً للمعاصرة المعتبرة، بحسب العادة والغالب المألوف من مدة أعمار الناس؛ وذلك كأن يكون الفرق سبعين سنة فأكثر.
ثم إن هذا النوع من الروايات يكاد يكون فرعاً من فروع رواية الأكابر عن الأصاغر؛ ففي الغالب لن تدخل روايتان في هذا الباب إلا إذا كانت أولاهما رواية كبير عن صغير أو رواية قرين عن قرينه، وكانت الثانية رواية أحد صغار الطلبة عن ذلك الشيخ المشترَك فيه، وإلا إذا عُمّر الثاني دون الأول، ويشترط لوقوعها أيضاً طول عمر الشيخ الذي رويا عنه؛ أو أن يجتمع من هذه الشروط ما هو كافٍ في تحقيق التباين المطلوب بين الوفاتين؛ والله أعلم.
================================================== ====================================
(1) وما أكثر كتب الخطيب التي صارت عناوينها بعده مصطلحات حديثية.
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[24 - 02 - 08, 03:51 م]ـ
الحمد لله
أحببت أن أفتتح هذا الموضوع لنجمع فيه بإذن الله كل ما تيسر جمعه مما فاتني ذكره من مصطلحات المحدثين ونحوها في كتاب (لسان المحدثين) والذي وضعته في (خزانة الكتب والأبحاث) من الملتقى.
وأستثني من المصادر كتاب الشيخ أبي الحسن (شفاء العليل) فإني لم أنقل منه شيئاً - إذ لم أقف عليه إلا بعد إتمامي الكتاب - وفيه الكثير جداً مما ليس في كتابي، فالشرط إذن الاستدراك من غير هذا الكتاب، فإني عازم على تجريد مصطلحاته واستدراكها بإذن الله، ومن الله العون والتيسير.
وهذا فهرس المصطلحات والتراكيب الحديثية الواردة في كتاب (شفاء العليل)
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[24 - 02 - 08, 05:10 م]ـ
وهذا فهرس المصطلحات والتراكيب الحديثية الواردة في كتاب (شفاء العليل)
ما شاء الله!
عمل عظيم.
أسأل الله أن يبارك فيكم وينفع بكم ويجزيكم خيرًا.
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[26 - 02 - 08, 08:17 ص]ـ
جازاك الله خيراً أبا عبدالله وبارك لك في كل ما تبذله لإخوانك.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[23 - 04 - 08, 08:44 م]ـ
أحسن الله إليكم
(فلان لا يَعبأ بحديثه)
أي أنه يرسله إرسالا ولا يهتم ببيان سنده إلى من سمعه منه.
قال المغيرة: ثلاثة كانوا لا يعبأون بحديثهم، فذكر أحدهم سالم بن أبي الجعد.
[ينظر شرح علل الترمذي ص 163]
ـ[أحمد محمد بسيوني]ــــــــ[27 - 11 - 08, 02:49 م]ـ
جزاكم الله خيرا، ونفع الله بكم
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[16 - 01 - 09, 09:24 م]ـ
بارك الله فيكم.
" إسنادٌ ثقة ".
قال ابن محرز في معرفة الرجال (1/ 123):
وسمعت يحيى -في حديث ابن عكيم فى الميتة: أتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألاّ تتنفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب-: (إنه لا يُسوَى فلس)،
قيل ليحيى: كيف هذا؟
قال: (أفسده الشاميون: عن عبد الله بن عكيم قال: حدثنا أصحابٌ لنا ... )،
قيل ليحيى بن معين: من حدث به؟
قال: (بإسنادٍ ثقة).
ولعل شيخنا محمد خلف سلامة والمشايخ يبينون مراد الإمام ابن معين بكلمته هذه.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[31 - 07 - 09, 04:25 ص]ـ
(متين أي ثقة) كما جاء في لسان المحدثين لشيخنا الفاضل صاحب الموضوع.
ومن المفيد أن نذكر من فسر هذا الاصطلاح من أهل العلم لا سيما المتقدمين، قال ابن خزيمة في التوحيد (ص 282):
((سمعت محمد بن يحيى يقول: الحجاج [بن أبي عثمان الصواف] متين، يريد أنه حافظ متقن)).
ويظهر -والله أعلم- أن قولهم (متين) أعلى من قولهم (ثقة).
¥