ـ[محمد حاج عيسى]ــــــــ[30 - 06 - 07, 01:35 م]ـ
لا تقليد مع ثبوت الاستدلال:
وبعد أن أكد على أولية القاضي عياض وانتقده بأنه (36): «لم يذكر دليلا على ذلك ولا شبه دليل»، نسب كل من جاء بعده إلى تقليده حتى العلماء الذين أوردوا الأدلة، لأنهم أوردوها من أجل الترجيح لا من أجل تحقيق مذهب البخاري، فسود قرابة صفحتين لبيان هذه الفكرة ثم هدمها بنفسه في (38): «فالسؤال يجب أن يكون: ألم يذكر العلماء ما ينفع أن يكون دليلا على صحة تلك النسبة في وجهة نظرهم؟ وإن لم يقصدوا هم الاستدلال لذلك؟»، الخلاصة أنهم ذكروا أدلة أما القصد فهو أمر باطن قد يعبر عنه وقد لا يعبر، وعلى كل فنقض الكليات يكفي فيه المثال الواحد، فهذا الزركشي يعرب عن نيته في الاستدلال في كتابه النكت (2/ 39 - 40) قال: «وهل البخاري يشترط ثبوت السماع في كل حديث أو إذا ثبت السماع في حديث واحد حمل الباقي عليه حتى يدل الدليل على خلافه؟ فيه نظر، والأقرب الثاني … ويشهد له أن علي بن المديني والبخاري أثبتا سماع الحسن من سمرة مطلقا، لأنه صح عنه سماعه لحديث العقيقة».
وإذا أفلح الشيخ في وصف العلماء بالتقليد للقاضي عياض في نسبة القول إلى البخاري، فماذا يصنع بنسبة الحافظ ابن رجب هذا القول إلى أحمد وأبي حاتم وأبي زرعة وغيرهم واستدلاله على ذلك؟ وماذا يصنع بنسبة الصيرفي قبله هذا القول إلى الشافعي (وتنبه إلى أنه توفي سنة 330)؟ وقد نسبه إلى الشافعي أيضا الزركشي في النكت وابن رجب وابن حجر.
ـ[محمد حاج عيسى]ــــــــ[30 - 06 - 07, 01:36 م]ـ
هل يجب التحقيق في نسبة الأقوال؟:
الذي لا شك فيه أن التأكد من صحة نسبة الآراء إلى أصحابها في المسائل العلمية الخلافية، والتثبت منها من المصادر المعتمدة والمراجع الصحيحة أمر منهجي مطلوب في البحوث الجادة التي يجتهد أصحابها في التوقي والتثبت والأمانة العلمية، لكن هل معنى ذلك التدقيق في كل مسألة ولو كانت مشهورة، هذا أمر لم يقل به أحد ولم يجري عليه عمل، فإننا ننقل في مسائل الفقه المنقول عن أحمد ومالك وغيرهما من غير تحقيق في الروايات، بل ننقلها من كتب الفقه المعتمدة على مذاهبهم وذلك يكفي إلا في مسائل يقع فيها الريب فتحتاج إلى مزيد تثبت، أما والريب منتف فالتثبت لغو ومضيعة للعمر، وكذلك الأمر في قضيتنا هذه، لم يوجد أحد من العلماء شكك في نسبة القول إلى البخاري والأمر عند العلماء واضح، فلم يلزم العلماء بالتدليل في تحقيق مذهبه؟ ومن هذا يعلم تهافت قول الشيخ حاتم (38): «يكفيك من قول ضعفا أنه لم يستدل عليه».
ـ[محمد حاج عيسى]ــــــــ[30 - 06 - 07, 01:37 م]ـ
اختزال الشيخ حاتم لأدلة خصومه:
بين الشيخ أن خلاصة دليل خصومه (39) " إعلال بعض الأحاديث بنفي العلم بالسماع أو اللقاء " ثم أجاب عن ذلك بوجهين الأول منها (41): «أنه إعلام بأن الراوي لم يذكر نصا دالا على السماع، وغالبا لا يكون لهذا الإعلام أي فائدة إلا إن كانت هناك قرائن تشهد لعدم السماع»، وهكذا فليكن تقدير الأئمة النقاد!! وليكن التعامل مع نصوصهم!! آلاف النصوص لا فائدة منها إلا بقرينة!! لو كان هذا صحيحا لماذا لم يذكروا القرائن ويريحوا الأمة بدل تسويد الصفحات بما لا يفيد، ولا ننسى أن كثيرا من هذه النصوص –بل أكثرها- واردة في جواب عن سؤال، فلا أدري ماذا يصنع السائل بجواب لا يفيد.
وخلاصة الثاني أنه (42): «قصد بها إعلان الشك في السماع وترجيح عدمه … والمقصود من نحو هذه العبارات بيان أن هناك قرائن تشهد لعدم حصول السماع» إذن الوجه الثاني هو الوجه الأول إذ مرجعهما إلى اعتماد القرائن.
إن أدلة إثبات آراء العلماء في هذه المسألة لا تنحصر في قولهم:" لا يعرف له سماع أو لا يعلم سماعه "، بل منها:
-قول البخاري وغيره: فلان روى عن فلان، وفلان سمع من فلان.
-استدلال البخاري وابن المديني بروايات فيها ثبوت اللقاء.
-إيراد البخاري لأسانيد في الصحيح لا تناسب الأبواب من أجل تثبيت السماع.
-ومنها قولهم فلان أدرك فلانا أو رآه ولا يذكر سماعا.
-إثباتهم المعاصرة مع نفي السماع أو الشك فيه.
-استعمالهم عبارة: لا يصح سماعه.
-تخطئة السماعات وتضعيفهم لأسانيدها.
-عدم استعمالهم عبارة فلان عاصر (أدرك) فلان لإثبات الاتصال.
¥