تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الجواب: التناقض واقع فقط في ذهن الشيخ حاتم وإلا فكلام ابن رشيد واضح بأن عرفهم الغالب حملها على الاتصال إذا ثبت اللقاء، وأن عرفهم الغالب أنه لا يضعها في محل الانقطاع عمن علم سماعه.

قال (151 - 153):"فإن قيل: ألا يخرم هذا العُرْفَ روايةُ الراوي عَمّن عاصره ولم يلقه؟ فالجواب هو الأصل الثاني.

والأصل الثاني هو: أن رواية الراوي عمن عاصره ولم يلقه بالصيغة الموهمة تدليسٌ، وفاعلُ ذلك مكثرًا من فعله مدلِّسٌ.

.... فما دامت (رواية الراوي عمن عاصره ولم يلقه): تدليسًا، وما دامَ أن مذهب مسلم قد تضمَّن صراحةً اشتراطَ أن لا يكون الراوي المعنعِنُ مدلِّسًا، فلا يصحُّ إيراد احتمال أن يكون هذا الراوي غير المدلِّس عندما عنعن عمّن عاصره قد روى عنه مع عدم اللقاء، لأن روايته كذلك تدليسٌ، والأصلُ فيه عدمُ فعل ذلك، لكونه ليس مدلِّسًا."

الجواب: المعترض المفترض اعترض على عرف الرواية ولم يسأل عن مذهب مسلم، والذي ظهر لي كما سبق في مناقشة المسألة الأولى أن مسلما استعمل التدليس في المعنى الخاص الذي يخرج منه الرواية عمن عاصره ولم يلقه.

قال (153):"فمشكلة بعض العلماء الذين نصروا المذهب المنسوب إلى البخاري، كالحافظ ابن حجر ومن تبعه، أنهم أخرجوا رواية الراوي عمن عاصره ولم يلقه من مُسَمَّى التدليس."

الجواب: ليست المشكلة في التفريق بين التدليس والإرسال الخفي من عدمه، لكن المشكلة عندما يكون محل النزاع غير محرر في ذهن الباحث.

قال (153):"فانظر إلى الحافظ ماذا يقول في (النزهة) عن الإمام مسلم: ((وما ألزمه به ليس بلازم، لأن الراوي إذا ثبت له اللقاء مَرّة، لا يجري في روايته احتمال أن لا يكون سمع منه، لأنه يلزم من جَرَيَانه أن يكون مدلّسًا، والمسألةُ مفروضةٌ في غير المدلِّس)). فنقول للحافظ: إنما لا يلزم إلزامُ مسلم على تفريقك أنت بين الإرسال الخفي والتدليس ... "

الجواب: سواء فرقنا أم لم نفرق فجواب الحافظ صحيح، معنى جواب الحافظ أننا نكتفي بالتصريح مرة واحدة ولا نتهمه بعد ذلك في كل حديث، لأننا إذا اتهمناه صيرناه في حكم المدلس والمسألة مفروضة في غير المدلس، وهذه الصورة التي ذكر ابن حجر اتفق العلماء مسلم والبخاري وابن حجر على أنها تدليس (إما أنها التدليس كله على رأي أو جزء منه على رأي آخر) فلا أثر للتفريق هنا، لذلك كان جواب ابن الصلاح في صيانة صحيح مسلم (128) بعينه جواب ابن حجر مع أن ابن الصلاح على الاصطلاح الذي اختاره الشيخ حاتم في التدليس وادعى الإجماع عليه.

قال (153 - 154):"إذ للإمام مسلم أن يردَّ على الحافظ قولَه بقوله: كما أنه لا يجري في رواية من يثبت له اللقاء احتمالُ أن لا يكون سمع منه، لأنه غير مدلِّس. فكذلك لا يجري في رواية الراوي عمن عاصره احتمالُ أن لا يكون سمع منه، لأنه غير مدلِّس أيضًا، لشُمول اسم التدليس (رواية الراوي عمن سمع منه ما لم يسمعه) و (رواية الراوي عمن عاصره ولم يلقه). فباشتراط انتفاء التدليس، انتفى الاحتمالان كلاهما.="

وتمام الكلام =وبطل إلزام مسلم لخصمه بأن يرد كل عنعنة والحمد لله رب العالمين!!

قال (154):"بل لقد أبلغ مسلم في الحُجّة وأَعْذَرَ في البيان عندما ضربَ لخصمه مثالاً من رواية هشام بن عروة عن أبيه، وهشام بن عروة مشهور السماع من أبيه، بل هو أشهر من روى عن أبيه. فذكر مسلمٌ حديثًا من رواية هشام بن عروة عن أبيه، دلّسه هشامٌ، ..... الخ"

الجواب: لا أدري هل رجع الشيخ حاتم إلى مقدمة الصحيح عندما نقل هذه الحجة أم لا، لأن مسلما أورد هذا الحديث وغيره (وليس مثالا واحدا) ضمن إلزامه للخصم أن يفتش عن السماع في طبقات السند في كل الأحاديث، كما هو واضح في كلامه (1/ 30 - 32) أما قول الشيخ حاتم (155):"وَوَجْهُ ردّ مسلم على خصمه بهذا المثال: هو أن خَصْم مسلم رأى أن شرط انتفاءِ كون الراوي مدلّسًا شرطٌ لا يكفي للقول بالاتّصال، [لأن راوية الراوي عمن عاصره ولم يلقه تدليس]، وقد وَجَدَ خَصْمُ مسلم أن هذا النوع من الرواية قد وقع من جماعةٍ من الرواة، [ولم تُردَّ عنعنةُ بعضهم بالتدليس]، فيبقى في رواية هؤلاء احتمال أن يكون الراوي قد روى عمن عاصره ولم يلقه." فلا أدري من أين استقاه.

لأن الذي في صحيح مسلم أن الخصم اشترط اللقاء لأنه وجد الرواة يروي أحدهم عن الآخر ولم يعاينه ولا سمع منه شيئا قط فاحتاج إلى البحث عن السماع ولو مرة واحدة. فألزمه بقوله:" فإن كانت العلة في تضعيفك الخبر وتركك الاحتجاج به إمكان الإرسال فيه، لزمك أن لا تثبت إسنادا معنعنا حتى ترى فيه السماع من أوله إلى آخره" ثم ذكر أمثلة منها المثال المشار إليه لبيان وجود احتمال الإرسال في عنعنة الشيخ عمن لقيه وسمع منه. فلا حجة ولا إعذار ولا علاقة لكلام مسلم ولا خصمه بالتدليس. وليس في كلام مسلم رمي هشام بالتدليس كما أوهمه الشيخ حاتم. وإنما رماه به المتأخرون. وكلامه المتعلق بهذه القضية كله خارج الموضوع (لأن الخصم لم يستدل ومسلم لم يجب).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير