ـ[محمد حاج عيسى]ــــــــ[30 - 06 - 07, 02:26 م]ـ
المسألة الخامسة: أثر تحرير شرط الحديث المعنعن على السنة النبوية
قال (158):"فمن آثار تحريرنا السابق في شرط الحديث المعنعن:
أولاً: بيان حكم الحديث المعنعن الذي مَلأَ خزائن السنّة وغطَّى صحائفَ الرواية. فإن من نسب إلى البخاري شرطَ العلمِ باللقاء من أهل العلم المتأخّرين، رجّحوا (في الغالب) مذهب البخاري على مذهب مسلم. وبناءً على ذلك يلزمهم أن يبحثوا في رواية كل متعاصرَين، فإن ثبت السماع مَرّة قُبل حديثه عنه، وإلا رُدّ حديثه."
الجواب: ويلزم من رجح مذهب مسلم أن يرد أقوال أهل العلم في إعلال الروايات بعدم العلم بالسماع، وأن يكتفي بالمعاصرة، وأن يصنفوا مهذبا لكتب المراسيل، فيحذفوا منه الأقوال المبنية على اشتراط العلم بالسماع أو اللقاء، ولا ينفعه أن يقول لعلهم توقفوا (أو لم يثبتوا السماع) بناء على القرائن، لأن العلم لا يثبت بلعل وعسى، ولأن ما ثبتت فيه القرائن جزموا بانقطاعه ولم يترددوا فيه.
"قال: أمّا بعد ردِّنا لتلك النّسبة، وبعد بيان أن كل أهل العلم (قبل القاضي عياض) على مذهب واحد، هو مذهب مسلم. فلن أتوقّف عن قبول حديث المتعاصرين حتى يثبت السماع، بل سأحكم بالاتّصال بالشروط التي وضعها مسلم فأيُّ أثرٍ أعظم من أثرٍ يُحَكَّم في جُلّ السنة وغالب الروايات؟!! "
الجواب بطرح هذا السؤال: ما هو رأي الشيخ في حديث ميمون بن أبي شبيب عن معاذ مرفوعا:" اتق الله حيثما كنت "؟ وكلام أهل النقد في روايته لا يخفى على الشيخ حاتم.
قال (159 - 160):"فانظر مثلاً إلى إمامٍ كالعلائي، كيف قاده اعتقادُ صحّة نسبة شرط العلم إلى البخاري، واستحضارُ جلالةِ البخاري وأنه لولا البخاري ما راح مسلم ولا جاء إلى أن لا يقسم بالسويّة، ولا يعدل في المسألة العلميّة!! فإذا جاء حديثٌ في صحيح مسلم نُفي أو شُكِّكَ في سماع راويه ممن روى عنه، قال: ((هذا على قاعدة مسلم في الاكتفاء بالمعاصرة)). وإذا جاء حديثٌ مثله في صحيح البخاري أجاب: بأن مجرّد إخراج البخاري يُثبت الاتصال، لما عُلِم من شرطه في ذلك."
الجواب: لا ندري ما هو التصرف الصحيح العادل على مذهب الشيخ؟ هل هو الرد مطلقا أم القبول مطلقا؟
قال (161):"ولن أُطيل في بيان الظلم الذي نال صحيح مسلم، ولن أُفَصِّل وُجُوهَ هذا الظلم، فيكفيك منها الوجه المؤلم التالي ذكره: فبعد أن رجّح ابنُ رجب الشرط المنسوب إلى البخاري، قال: ((فإن قال قائل: هذا يلزمُ منه طَرْحُ أكثر الأحاديث وتركُ الاحتجاج بها؟! قيل: من هاهُنا عَظُمَ ذلك على مسلم (رحمه الله). والصواب: أن ما لم يرد فيه السماع من الأسانيد لا يُحكم باتّصاله، ويُحتجُّ به مع إمكان اللُّقِيّ، كما يُحتجّ بمرسل أكابر التابعين، كما نصَّ عليه الإمامُ أحمد، وقد سبق ذكر ذلك في المرسل)). فاللهمّ أسألك عفوَك!! خرجنا بأن صحيح مسلم (ثاني أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى) حكمُه حكم المراسيل!!! "
الجواب: انتبه إلى أن ما ذكره ابن رجب (على مذهبه) لازم لصحيح البخاري أيضا، وأفهم أن ذلك مختص بما لم يرد فيه السماع من الأسانيد، فدع التهويل وأجب الجواب العلمي المعزز بالدليل! نذكر الشيخ بزعمه أن البخاري يحتج بالوجادة وما يلزم منه، لينقل هو بنفسه الكلام المذكور أعلاه في رده على نفسه.
نقض جواب الشبهة الأولى:
قال (162):"الشُّبْهَةُ الأُولى: أن العلماء الذين نسبوا شَرْطَ العلم بالسماع إلى البخاري إنما نسبوه إليه بناءً على استقراء تصرُّفاته في (الصحيح) وخارجه، فكيف تخالفُهم بغير استقراء؟! "
هذا سؤال وجيه لأن ما ثبت بالاستقراء لا يجوز نقضه بأمثلة منتخبة مدخولة. والاستقراء المقبول بأن يستخرج لنا من صحيح البخاري أحاديث كثيرة خرجها في الأصول معتمدا على المعاصرة مع إمكان اللقي، ونعلم اعتماده على المعاصرة بأن ينفي هو ثبوت السماع.
وبأن يتتبع الأحاديث التي نفى البخاري فيها العلم بالسماع ويربطها بالقرائن، لأنه يزعم أن كل توقف في السماع سببه القرائن. هذا لبيان مذهب البخاري وحده.
ثم يفعل هذا مع أشهر العلماء الذين لهم كلام كثير في الجرح والتعديل كابن معين وأحمد وابن المديني وأبي زرعة ... وذلك لتتم دعوى الإجماع لأن دعوى الإجماع لا تتم ببيان أن البخاري كان على مذهب مسلم
¥