من الله والعقوبة والضلال والخسارة فما أعظم الفرق بين الفريقين وما أقل تعب الصابرين وأعظم عناء الجازعين فقد اشتملت هاتان الآيتان على توطين النفوس على المصائب قبل وقوعها لتخف وتسهل إذا وقعت وبيان ما تقابل به إذا وقعت وهو الصبر وبيان ما يعين على الصبر وما للصابر من الأجر ويعلم حال غير الصابر بضد حال الصابر
وأن هذا الابتلاء والامتحان سنة الله التي قد خلت ولن تجد لسنة الله تبديلا وبيان أنواع المصائب
(158)
ـ[طالبة العلم سارة]ــــــــ[04 - 06 - 07, 02:56 ص]ـ
(فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ [الشورى: 15]
" فلذلك فادع "
أي: فللدين القويم، والصراط المستقيم، الذي أنزل الله به كتبه، وأرسل رسله، فادع إليك أمتك، وحضهم عليه، وجاهد عليه من لم يقبله.
" واستقم "
بنفسك
" كما أمرت "
أي: استقامة موافقة لأمر الله، لا تفريط ولا إفراط، بل امتثالا لأوامر الله، واجتنابا لنواهيه، على وجه الاستمرار على ذلك. فأمره بتكميل نفسه، بلزوم الاستقامة، وبتكميل غيره، بالدعوة إلى ذلك. ومن المعلوم أن أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، أمر لأمته، إذا لم يرد تخصيص له.
" ولا تتبع أهواءهم "
أي: أهواء المنحرفين عن الدين، من الكفرة أو المنافقين. إما باتباعهم على بعض دينهم، أو بترك الدعوة إلى الله، أو بترك الاستقامة فإنك إن ابتعت أهواءهم، من بعد ما جاءك من العلم، إنك إذا لمن الظالمين. ولم يقل: «ولا تتبع دينهم» لأن حقيقة دينهم، الذي شرعه الله لهم، هو دين الرسل كلهم، ولكنهم لم يتبعوه، بل اتبعوا أهواءهم، واتخذوا دينهم لهوا ولعبا.
" وقل "
لهم، عند جدالهم ومناظرتهم:
" آمنت بما أنزل الله من كتاب "
أي: لتكن مناظرتك لهم مبنية على هذا الأصل العظيم، الدال على شرف الإسلام وجلالته، وهمينته على سائر الأديان، وأن الدين الذي يزعم أهل الكتاب، أنهم عليه، جزء من الإسلام. وفي هذا، إرشاد إلى أن أهل الكتاب إن ناظروا مناظرة مبنية على الإيمان، ببعض الكتب، أو ببعض الرسل دون غيره، فلا يسلم لهم ذلك. لأن الكتاب الذي يدعون إليه، والرسول الذي ينتسبون إليه، من شرطه، أن يكون مصدقا بهذا القرآن، وبمن جاء به. فكتابنا، ورسولنا، لم يأمرانا، إلا بالإيمان بموسى، وعيسى، والتوراة، والإنجيل، التي أخبر بها، وصدق بها، وأخبر أنها مصدقة له ومقرة بصحته. وأما مجرد التوراة والإنجيل، وموسى، وعيسى، الذين لم يوصفوا لنا، ولم يوافقوا لكتابنا، فلم يأمرنا بالإيمان بهم. وقوله:
" وأمرت لأعدل بينكم "
أي: في الحكم فيما اختلفتم فيه، فلا تمنعني عداوتكم وبغضكم، يا أهل الكتاب، من العدل بينكم، ومن العدل في الحكم، بين أهل الأقوال المختلفة، من أهل الكتاب وغيرهم، أن يقبل ما معهم من الحق، ويرد ما معهم من الباطل.
" الله ربنا وربكم "
أي: هو رب الجميع، لستم بأحق به منا.
" لنا أعمالنا ولكم أعمالكم "
من خير وشر
" لا حجة بيننا وبينكم "
أي: بعدما تبينت الحقائق، واتضح الحق من الباطل، والهدى من الضلال، لم يبق للجدل والمنازعة محل. لأن المقصود من الجدال، إنما هو بيان الحق من الباطل، ليهتدي الراشد، ولتقوم الحجة على الغاوي. وليس المراد بهذا، أن أهل الكتاب لا يجادلون، كيف والله يقول:
" ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن "
وإنما المراد ما ذكرنا.
" الله يجمع بيننا وإليه المصير "
يوم القيامة، فيجزي كلا بعمله، ويتبين حينئذ الصادق من الكاذب.
ـ[طالبة العلم سارة]ــــــــ[04 - 06 - 07, 02:58 ص]ـ
(يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغَرور)
" يا أيها الناس إن وعد الله "
بالبعث، والجزاء على الأعمال
" حق "
أي: لا شك فيه، ولا مرية، ولا تردد، قد دلت على ذلك الأدلة السمعية، والبراهين العقلية. فإذا كان وعده حقا، فتهيئوا له وبادروا أوقاتكم الشريفة. بالأعمال الصالحة، ولا يقطعكم عن ذلك قاطع.
" فلا تغرنكم الحياة الدنيا "
بلذاتها وشهواتها، ومطالبها النفسية، فتليهكم عما خلقتم له.
" ولا يغرنكم بالله الغرور "
الذي هو:
" الشيطان "
ـ[علي ياسين جاسم المحيمد]ــــــــ[04 - 06 - 07, 04:53 ص]ـ
جزاك الله خيرا أختي الفاضلة ويشهد الله أنني دخلت لهذه الصفحة والنية معقودة على أقترح على الكتَّاب الكرام ذكر طرف من الفوائد التفسيرية للآيات ولكنني وجدت قد كفيت ووفيت أثابك الله على ما تقديمينه وجعل مأواي ومأواك ومأوى القراء الأكارم جنة الفردوس وكتبنا من المستقيمين في الدنيا والمبشرين عند الاحتضار آمين.
¥