[سلسلة التراجم 0التعريف بالامام الشاطبى 0]
ـ[حمدان المطرى]ــــــــ[10 - 07 - 07, 10:47 ص]ـ
ترجمة المؤلف رحمه اللهتعالى
هو القاسم بن فِيرُّه – بكسر الفاء، بعدها ياء مثناة تحتيةساكنة، ثم راء مشددة مضمومة، بعدها هاء؛ ومعناه بلغة عجم الأندلس: الحديد – ابن خلف بن أحمد أبو القاسم، وأبو محمد الشاطبي الرعيني، الضرير، وليُّالله الإمام العلاَّمة، أحد الأعلام الكبار المشتهرين في الأقطار.
ولد في آخر سنة /538/هجرية، بشاطبة، من الأندلس، وقرأببلده القراءات، وأتقنها على أبي عبد الله محمد بن أبي العاص النفزي.
ثم رحل إلى بلنسية بالقرب من بلده، فعرض بها التيسير منحفظه والقراءات على الإمام ابن هذيل، وسمع منه الحديث، وروى عنه وعن أبيعبد الله محمد بن أبي يوسف بن سعادة، صاحب أبي علي الحسين بن سكرة الصدفي؛
وعن الشيخ أبي محمد عاشر بن محمد بن عاشر، صاحب أبي محمدالبطليوسي؛ وعن أبي محمد عبد الله بن أبي جعفر المرسي؛ وعن أبي العباس بنطرازميل؛ وعن أبي الحسن عليم بن هاني العمري، وأبي عبد الله محمد بن حميد،أخذ عنه «كتاب سيبويه» و «الكامل» لابن المبرد و «أدب الكاتب» لابنقتيبة وغيرها؛
وعن أبي عبد الله محمد بن عبد الرحيم، وأبي الحسن ابنالنعمة صاحب كتاب: «ريّ الظمآن في تفسير القرآن»، وعن أبي القاسم حبيشصاحب عبد الحق بن عطية، صاحب التفسير المشهور، ورواه عنه.
ثم رحل للحج؛ فسمع من أبي طاهر السِلَفي بالإسكندرية وغيره. ولما دخل مصر، أكرمه القاضي الفاضل وعرف مقداره، وأنزله بمدرسته التيبناها بدرب الملوخيا داخل القاهرة، وجعله شيخها، وعظمه تعظيماً كثيراً،فجلس بها للإقراء، وقصده الخلائق من الأقطار، وبها أتم نظَم هذا المتنالمبارك.
ونظم – أيضاً – قصيدته الرائية المسماة: «عقيلة أترابالقصائد، في أسنى المقاصد» في علم الرسم، وقصيدة أخرى تسمى «ناظمة الزهر» في علم عدد الآي. وقصيدة دالية خمسمائة بيت لخَّصَ فيها «التمهيد» لابنعبد البر.
ثم إنه لما فتح الملك الناصر صلاح الدين يوسف بيت المقدس،توجه فزاره سنة /589 هـ/، ثم رجع فأقام بالمدرسة الفاضلية يُقرئ حتى تُوفي.
وكان إماماً كبيراً، أعجوبة في الذكاء، كثير الفنون، آيةمن آيات الله تعالى، غاية في القراءات، حافظاً للحديث، بصيراً بالعربية،إماماً في اللغة، رأساً في الأدب، مع الزهد والولاية، والعبادة،والإنقطاع والكشف، شافعي المذهب، مواظباً على السُّنَّة؛
قال ابن خلكان رحمه الله تعالى: «كان إذا قُرئ عليه صحيحالبخاري ومسلم والموطأ، تُصحح النسخ من حفظه».
بلغنا أنه وُلد أعمى. ولقد حكى عنه أصحابه ومن كان يجتمعبه عجائباً! وعظموه تعظيماً بالغاً، حتى أنشده الإمام الحافظ أبو شامةالدمشقي – رحمه الله – من نظمه في ذلك:
رَأَيْتُ جَمَاعَةً فُضَلاَءَفَازُوابرُؤْيَةِ شَيْخِ مِصْرَ الشَّاطِبيِّ
وَكُلُّهُمْ يُعَظِّمُهُوَيُثْنِيكَتَعْظِيمِ الصَّحَابَةِ للنَّبِيِّ
وذكر بعضهم: أن الشاطبي كان يُصلي الصبح بالفاضلية، ثميجلس للإقراء، فكان الناس يتسابقون إليه، وكان إذا قعد لا يزيد على قوله: من جاء أوَّلاً فليقرأ؛ ثم يأخذ على الأسبق فالأسبق؛
فاتُّفق في بعض الأيام، أن بعض أصحابه سبق أولاً، فلمااستوى الشيخ قاعداً قال: من جاء ثانياً فليقرأ! فشرع الثاني في القراءة،وبقي الأول لا يدري حاله! وأخذ يتفكر ما وقع منه بعد مفارقة الشيخ من ذنبأوجب حرمان الشيخ له؟ ففطن أنه أجنب تلك الليلة، ولشدة حرصه على النَّوْبة، نسي ذلك لما انتبه، فبادر إلى الشيخ، فاطَّلع الشيخ على ذلك! فأشارللثاني بالقراءة!
ثم إن ذلك الرجل، بادر إلى حمام جوار المدرسة، فاغتسل به، ثم رجع قبل فراغ الثاني، والشيخ قاعد على حاله، وكان ضريراً، فلما فرغالثاني قال الشيخ: من جاء أولاً فليقرأ! فقرأ. وهذا من أحسن ما نعلمه، وقعلشيوخ هذه الطائفة.
وذكر العلاَّمة الشيخ علي القاري من كراماته: أنه كان يسمعالأذان من غير المؤذن، وكان لا يظهر منه لذكاءه وفطنته، ما يظهر من الأعمىفي حركاته!
وكان لا يتكلم إلاََّ بما تدعو الضرورة إليه.
¥