تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

["لمحات" منهجية بشأن "لمسات بيانية"]

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[22 - 06 - 07, 01:21 ص]ـ

["لمحات" منهجية بشأن "لمسات بيانية"]

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.

وبعد:

فإن للأستاذ الفاضل فاضل السامرائي-أعانه الله- سعيا مشكورا في سبيل إحياء التفسير البياني للقرآن الكريم.

أقول "إحياء" لأن هذا المهيع قديم وقديم جدا. فقد أدرك القدماء أن البيان هوأول و أظهر وجوه التحدي: تحدى القرآن الكريم العرب الذين نزل عليهم ولم يكن عندهم حيتذاك من تجليات العقل إلا البيان ... ولا يعقل أن تكون المعاجزة فيما لا يدعون ولا يستطيعون ...

وحاول أئمة البيان أن يخرجوا ما هو من نطاق السليقة والحدس إلى نطاق العقل واللغة فنشأت البلاغة علما يظهر الحدسي معقولا والذوقي الروحي شيئا يمكن التعبير عنه باللغة المادية ... وكان فضل عبد القاعر الجرجاني على هذا العلم الناشيء كبيرا ... فرسم معالمه في كتابيه الشهيرين- لاسيما في الدلائل- حيث فسر آيات كثيرة معولا على الذوق السليم وعلى معرفة خصائص التعبير العربي ذلكم التعبير المشحون بالأسرار والدلالات الخفية والإيحائية.

لكن الريح جرت بما لم يكن عبد القاهر يشتهي ولا البلاغة تريد.

فقد تحولت البلاغة عند المتكلمين والفلاسفة إلى علم منطق جاف ... وانصرف البلاغيون إلى نهج أرسطو فنبغوا في التقسيم وإعادة التقسيم وألهاهم التكاثر في المصطلحات عن الوظيفة الأولى للبلاغة وهي تفسير القرآن ... ويتعجب المرء الآن من كثرة أسماء أصحاب المتون والحواشي والتقريرات ... وقلة تفسيرهم للقرآن ... بل لا يذكرون الآية إلا في معرض التمثيل للقاعدة عندهم .. فعكسوا المنهج: القرآن في سبيل البلاغة وليس البلاغة في سبيل القرآن ... ولم يأت التدبر القرآني القائم على البلاغة والتذوق إلا من أوساط أخرى غير وسط علماء البلاغة كما نقرأ مثلا في كتب السهيلي وابن القيم رحمهما الله.

... ثم شهدنا في العصر الحاضر محاولات لإحياء البلاغة على غير أسس المنطق أذكر منها محاولات ثلاث:

-محاولة عائشة عبد الرحمن في تفسيرها البياني.

-محاولة صاحب الظلال.

-محاولة صاحب اللمسات.

ولا يخفى الإيحاء المشترك للكلمتين" ظلال" و"لمسات .. "

فالتناول غدا أكثر تواضعا (ومن تواضع رفع):

فالأول لا يدعي تفسير القرآن ولكن يريد التعبير عن الأحاسيس والخواطر التي تولدها الآية في نفسه فهي ظلال القرآن فقط ... والظلال أحيانا تطول وأحيانا تقصر.

أما الثاني فهو أيضا يكتفي بمجرد لمسات .. ويستكثر على نفسه وصف المفسر أو الباحث في إعجاز القرآن ... و كلمة إعجاز قليلة الجريان على لسانه ...

وسنحاول هنا أن نبين بعض الخطوط المنهجية مقتفا أثر الأستاذ الفاضل .. فنقول هي فقط لمحات منهجية أو"لمحات عن لمسات"

1 - اللمحة الاولى:

قاعدة تطابق التعبير القرآني مع الواقعة المنقولة ووجوب تطابق الواقعة مع الآية ...

ينطلق الأستاذ من مسلمة هي: القرآن أصدق نقل للواقع وأجمله. (من الجمال وليس الإجمال)

فكل آية تتضمن الصدق والفن معا ...

فالقرآن في الغالب ينقل حوارات ومخاطبات جرت في الواقع بغير اللسان العربي .. لكن ترجمة القرآن هي أصدق ترجمة ممكنة ... ومع ذلك الصدق يكون أجمل لفظ ...

وعلى هذا الأساس لا يعترف الأستاذ بالتلوينات البيانية والتنويعات التعبيرية عن الواقعة الواحدة.

يقول:

"قد يتغير في الآية كلمة من سياق إلى سياق ومن سورة إلى سورة. وردت قصة سيدنا موسى في سور متعددة في القرآن الكريم وبين قصة موسى - عليه السلام - في سورة البقرة وقصته في سورة الأعراف تشابه واختلاف في الألفاظ كما هو حاصل في كلمتي (انفجرت) و (انبجست). فقد يحصل اختلاف في التعبير أحياناً في مكان عن مكان أو في قصة عن قصة فلماذا الإختلاف؟

الحقيقة أنه ليس في القرآن الكريم اختلاف في القصة وإنما يختلف التعبير عن مشهد من مشاهد القصة بين سورة وسورة لأن كل سورة تأتي بجزئية من القصة نفسها تتناسب وسياق الآيات في السورة التي تذكر فيها."

فهو لا يعد "انفجرت "و"انبجست " تنويعات أسلوبية على واقعة واحدة ... صحيح إن مع التنويع تحققا للجمال لكن يتخلف الصدق،وهذا محال في القرآن.

فيبقى السؤال المطروح: ماالذي وقع فعلا عندما ضرب موسى عليه السلام الحجر؟

هل انبجس الماء أم انفجر؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير