فيرى المفسر أنه حان الوقت للإعلان عن إعجاز علمي جديد، فيصر على أن قوله تعالى:
وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3)
موافق لآخر حقائق العلم .. فالنجم الذي وصفه الله تعالى ب"الثاقب" ليس إلا نجما جبارا تحول إلى ثقب أسود ...
لكن هل يعلم المفسر أن تلك الجزئية عن الثقوب السوداء ما هي إلا قطعة من نموذج كامل .. وليس لها معنى إلا داخل تلك النظرية أي تلك الرؤية للعالم .. فماذا سيفعل مفسرنا العلمي لو علم مثلا أن ذلك العالم المتحدث عن الثقوب يرى الكون حسب نظرية" الأكورديون"-تشبيها بآلة العزف المعروفة- بمعنى أن الكون عنده بدأ نقطة صغيرة جدا ثم وقع الأنفجار الكبير .. فتمدد العالم واتسع وسيظل يتمدد و يتسع إلى حد معين ... ثم يرجع على عقبيه منكمشا ومتجمعا إلى أن يعود نقطة صغيرة ثم يحدث الانفجار وهكذا لا إلى نهاية ...
هل يعي المفسر أن صاحب النظرية منغمس في الإلحاد؟
وأنه لا يؤمن برب ولا خالق ...
وأن نظريته تلك ما تخيلها إلا ليصفي الحساب مع فكرة الخلق.
وهل يدرك أن جزئية الثقب الأسود أقبح بكثير من "خضراء الدمن" فكيف يعقد صلة بين القرآن الذي لا يأتيه الباطل وحلقة انتزعها من سلسلة كافرة بالله واليوم الآخر؟
يبدو أن أصحاب الإعجاز العلمي لا يعلمون شيئا عن تاريخ العلم ... فهم في غمرة الانبهار بالكشوفات العلمية –التي ليس عليها دليل قاطع حتى الآن-يتناسون أن العلم الحديث لم يتأسس إلا على أسس إلحادية ... ولا ننخدع بما يصرح به بعض علماء المادة من إيمانهم بالله كنيوتن وإنشتاين اليهودي وغيرهما ... فهؤلاء بحكم تشبعهم بمناخ العلمانية يفصلون المعتقد عن السلوك ... قد يكونون مؤمنين بقلوبهم داخل بيوتهم ... ولكنهم في المختبر وفي التصنيف العلمي عليهم أن يذعنوا لمقتضيات المنهج العلمي ولا يقبل منهم –كما أنهم لا يقبلون من غيرهم-إلا التفسير الوضعي ... فلا أحد يجرأ منهم على أن يقول هذه الظاهرة خلقها الله أوتجري وفق إرادة الله .. ولوفعل لكان عرضة للإستهزاء ... فضلا عن خروجه عن المنهج العلمي الذي قام على قاعدة صلبة عريقة في الإلحاد:
لا تفسر الطبيعة إلا بالطبيعة.
هذا هو العلم الوضعي ... وتفسير الطبيعة من خارجها هو شأن الأسطوري-أي المتدين-أو الميتافزيقي –أي الفيلسوف-وأن العلم عندهم لم يتأسس حقيقة إلا بعد أن انفصل عن الدين والفلسفة وفضل تفسير الطبيعة من داخلها ..
قال شالمرز:
" ... والحركة بدون علة (محرك) كانت تعد شيئا لا معقولا عند أرسطو، وتشكل عند نيوتن إحدى الأوليات الاساسية ... "
احفظ هذا جيدا:
الكفر بالله هي أولية أساسية في العلم الحديث.
قرأت منذ بضع سنين الكتاب الشهير "الكون" لمؤلفه الأمريكي الأشهر "كارل ساغان"-وهو الكتاب رقم 178 من سلسلة "عالم المعرفة"-
وقد قام صاحب الكتاب برصد واسع للكون ومجراته وثقوبه السوداء وولادة النجوم ووفاتها ... لقد استمتعت بالكتاب أيما استمتاع لكن عندما وصلت إلى نهاية الكتاب عن لي خاطر فتقززت من الكتاب وأبغضت صاحبه بغضا لا مزيد عليه:
فقد شعرت أن صاحب الكتاب لم يذكر الله ..
حاولت التأكد من المسألة، فلا يعقل أن يكون الكلام عن الكون ولا يذكر اسم الله فيه، وعدت لقراءة سريعة لصفحات عديدة وأنا أبحث عن المواطن التي يجب أن يكون فيها اسم الله فهالني ما وجدت من خبث ومكر:
الصدفة/التطورية/الطبيعة/ قوانين المادة .....
هذه هو المعجم الذي ارتضاه ساغان بدلا من الله الخالق ...
لم أتم القراءة ... فقد شعرت بما يشبه الغثيان!!
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[03 - 07 - 07, 09:30 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[سلوم السلوم]ــــــــ[03 - 07 - 07, 04:47 م]ـ
بارك الله فيك ..
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[22 - 09 - 07, 02:01 ص]ـ
لماذا تحرج السلف أيما حرج من دعوى موافقة القرآن للخطاب الشعري وتهافت الخلف على دعاوى موافقة القرآن للخطاب العلمي؟
هل الخطاب العلمي أرقى بالضرورة من الخطاب الشعري؟
وما موقف" الإعجازيين العلميين" عند تعارض القرآن مع "الحقيقة" العلمية:
1 - هل سيعمل في القرآن آليات التأويل- بل اللي- لإرجاع الآية إلى قول أينشتاين؟
2 - أم سيتوقف في شأن دلالة الآية حتى يظهر تصديقها علميا؟
3 - هل يرى هؤلاء في العلم الحديث" تصديقا" للقرآن أم "مصادقة" عليه؟
سنبحث إن شاء الله في هذه المشكلات في موعد قريب ...
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[22 - 09 - 07, 10:02 ص]ـ
بارك الله فيك، مبحث رائع
ـ[ذات المحبرة]ــــــــ[24 - 09 - 07, 06:43 ص]ـ
بارك الله فيكم وزادكم علمًا وعملًا