تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الانبجاس ليس مرادفا للانفجار وعلى قاعدة التطابق لا بد أن تكون واقعتان، أو تكون مرحلتان مختلفتان من واقعة واحدة ..

ففي قصة موسى عليه السلام، وقع الأمران-حسب الأستاذ-ضرب موسى عليه السلام الحجر فانفجر الماء أولا ثم بدأ يقل فوصف بالانبجاس ... فهنا مرحلتان متعاقبتان في الحدث .. ولا يرد عليه العطف بالفاء في الآيتين فهي عنده في الموضعين معا فصيحة تفصح عن محذوف وليست عاطفة ترتب مع الفورية.

2 - اللمحة الثانية:

قاعدة اعتبار السياق المتوازي ...

ومنهج الأستاذ هنا امتداد لمنهج الخطيب الإسكافي صاحب" الدرة" والعاصمي الغرناطي صاحب "الملاك" ...

ونقصد من السياق المتوازي ما يكشف عنه السؤال الذي يتكرر كثيرا على لسان الأستاذ:

لماذا قال هذا هنا وقال ذلك هناك؟

ومن خلال المقارنة تتكشف اللمسة البيانية البديعة.

وهذا مثال آخر يوضح القاعدتين المنهجيتين معا: التطابق والتوازي.

ومثال آخر على التشابه والإختلاف في القرآن الكريم ما جاء في سورتي النمل والقصص في قصة موسى - عليه السلام - أيضاً ففي سورة النمل قال تعالى (إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ {7}) وفي سورة القصص قال تعالى (فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَاراً قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ {29}) الخط البياني في السورتين متسع ولكن ندرسه من ناحية التشابه والإختلاف لأن بينهما اختلافات عدة.

أولاً في سورة النمل جاء بالسين في (سآتيكم) والسين تفيد التوكيد، أما في القصص فجاء بـ (لعلّي آتيكم) وهي للترجّي. فماذا قال موسى لأهله هل قال ترجّى أم قطع؟ هل قال أحدهما أم ماذا؟ الحقيقة أن هذا يحصل في حياتنا يقول أحدنا سآتي اليوم لعلي أستطيع بمعنى (أقطع ثم أترجّى) والمشهد نفسه هو الذي يفرض الترجي أو القطع. قد نقطع ثم يأتي أمور تحول دون ذلك فنقول لعلّي للترجي أو العكس لكن يبقى لماذا الإختيار أي اختيار الترجي في سورة والقطع في سورة أخرى؟

والتوازي يلحظ باعتبارات مختلفة:

باعتبار الموضوع –قصة موسى مثلا-أو باعتبار التشابه أو التضاد الشكلي في تأليف الجملة .. وقد يعتبر ترتيب السور في المصحف كما في قوله:

لو نظرنا في السورة وعلاقتها بما قبلها أي (سورة الفجر)، قال تعالى في سورة الفجر (فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعّمه فيقول ربي أكرمن) ذكر الإنسان الغني والفقير، الذي قدر عليه رزقه والذي أغناه. وفي سورة البلد ذكر الذي أهلك المال والفقير. ثم إن ربنا تعالى وصف الإنسان في سورة الفجر بقوله: (كلا بل لا تكرمون اليتيم ولا تحاضون على طعام المسكين) وفي سورة البلد وصّانا تعالى بالرحمة بهذين الضعيفين بقوله: (أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيماً ذا مقربة أو مسكيناً ذا متربة).

3 - اللمحة الثالثة

قاعدة اعتبار السياق المضيق ...

ونعني بها اعتبار ما سبق أو لحق موضعيا ... وكثيرا ما يجري على لسان الأستاذ قوله: ذكر قبل ذلك ... وذكر بعده فتكون النتيجة لمسة بيانية تتعلق بانسجام عناصر الآية.

ومن ذلك قوله:

قال تعالى: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) الإسراء) وقال عز وجل: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33) الرحمن)

قدم في الأولى الإنس وقدم في الثانية الجن لأن مضمون الآية هو التحدي بالإتيان بمثل القرآن، ولا شك أن مدار التحدي على لغة القرآن ونظمه وبلاغته وحسن بيانه وفصاحته.

والإنس في هذا المجال هم المقدمون، وهم أصحاب البلاغة وأعمدة الفصاحة وأساطين البيان، فإتيان ذلك من قبلهم أولى، ولذلك كان تقديمهم أولى ليناسب ما يتلاءم مع طبيعتهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير