فحسن الخلق مع الله عز وجل بالنسبة للصلاة أن تؤديها وقلبك منشرح مطمئن ,وعينك قريرة تفرح إذا كنت متلبساً بها , وتنتظرها إذا فات وقتها , فإذا صليت الظهر , كنت في شوق إلى الصلاة العصر , وإذا صليت المغرب كنت في شوق إلى صلاة العشاء , وإذا صليت العشاء كنت في شوق إلى صلاة الفجر. و لهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول (يا بلال أرحنا بالصلاة) (3).
ــــــــــ
(1) مسلم رقم251 كتاب المساجد ورقم651/ 252 (2) أخرجه مسلم النسائي رقم3949 , 3950 كتاب عشرة النساء , وأحمد في المسند 3/ 128 , 199 , 285 , وهو في صححي الجامع رقم3134 (3) أخرجه أبو داود رقم4985. وأحمد في المسند 5/ 364 والحديث في صحيح الجامع للألباني رقم7892.
يقول: أرحنا بها , فإن فيها الراحة والطمأنينة والسكينة , لا كما يقول البعض: أرحنا بها , لأنها ثقيلة عليهم , وشاقة على نفوسهم. وهكذا دائماً تجعل قلبك معلقاً بهذه الصلوات فهذا لا شك أنه من حسن الخلق مع الله تعالى.
مثال ثالث – تحريم الربا – وهذا في المعاملات فقد حرم الله علينا الربا تحريماً أكيداً وأحل لنا البيع وقال في ذلك (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)] البقرة275 [, فتوعد من عاد إلى الربا بعد أن جاءته الموعظة , وعلم الحكم , توعد بالخلود في النار , والعياذ بالله , بل إنه توعده في الدنيا أيضاً بالحرب فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مؤمنين * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ .. )] البقرة278,279 [هذا يدل على عظم هذه الجريمة وأنها من كبائر الذنوب والموبقات.
فالمؤمن يقبل هذا الحكم بانشراح ورضا وتسليم , وأما غير المؤمن فإنه لا يقبله , ويضيق صدره به , وربما يتحيل عليه بأنواع الحيل , لأننا نعلم أن في الربا كسباً متيقناً وليس فيه أي مخاطرة, لكنه في الحقيقة كسب لشخص وظلك لآخر ’ ولهذا قال الله تعالى (وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ)] البقرة279 [.
3/ ومن حسن الخلق مع الله تعالى: تلقي أقدار الله تعالى بالرضا والصبر ,وكلنا نعلم أن أقدار الله عز وجل التي يجريها على خلقه ليست كلها كلائمة للخلق بمعنى أن منها ما يوافق رغبات الخلق ومنها ما لا يوافقهم.
فالمرض مثلاً: لا يلائم الإنسان , فكل إنسان يحب أن يكون صحيحاً معافى.
وكذلك الفقر: لا يلائم الإنسان , فالإنسان يحب أن يكون غنياً.
وكذلك الجهل: لا يلائم الإنسان فالإنسان يحب أن يكون عالماً. لكن أقدار الله عز وجل تتنوع لحكمة يعلمها الله عز وجل , منها ما يلائم الإنسان ويستريح له بمقتضى طبيعته , ومنها ما لا يكون كذلك. فمت هو حسن الخلق مع الله عز وجل نحو أقدار الله؟
حسن الخلق مع الله نحو أقداره: أن ترضى بما قدر الله لك , وأن تطمئن إليه وتعلم أنه سبحانه وتعالى ما قدره إلا لحكمة عظيمة وغاية محمودة يستحق عليها الحمد والشكر.
وعلى هذا فإن حسن الخلق مع الله نحو أقداره , هو أن يرض الإنسان ويستسلم ويطمئن , ولهذا امتدح الله الصابرين فقال ( ... وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)] البقرة155 - 156 [. .
ثانياً: حسن الخلق في معاملة الخَلق:
أما حسن الخلق مع المخلوق فعرّفه بعضُهم بأنه كفُّ الأذى، وبذلُ النّدى، وطلاقة الوجه. ويذكر ذلك عن الحسن البصري – رحمه الله.
¥