إذا نزل ابن سبيل بك ضيفاً , فمن مكارم الأخلاق أن تكرم ضيافته , لكن قال بعض العلماء: إنه لا يجب إكرامه بضيافته إلا في القرى دون الأمصار!
ونحن نقول: بل هي واجبة في القرى والأمصار , إلا أن يكون هناك سبب , كضيق البيت مثلاً , أو أسباب أخرى تمنع أن تضيف هذا الرجل , لكن على كل حال ينبغي إذا تعذر أن تحسن الرد.
ومن مكارم الأخلاق أيضاً الرفق بالمملوك والخادم: والمملوك يشمل المملوك الآدمي والبهيم , فالرفق بالمملوك الآدمي بأن تطعمه إذا طعمت وتكسوه إذا اكتسيت , ولا تكلفه ما لا يطيق.
والرفق من البهائم سواء كانت مما تركب , ا, تحلب أو تقتنى , يختلف بحسب ما تحتاج إليه , ففي الشتاء تجعل في الأماكن الدافئة إذا كانت لا تتحمل الحر ويؤتى لها بالطعام , وبالشراب إن لم تحصل عليه بنفسها بالرعي , وإذا كانت مما تحمل , فلا تحمل ما لا تطيق.
وهذا يدل على كمال الشرع ,وأنه لم ينس حتى البهائم بل جعل لها حقاً.
ومن مكارم الأخلاق أيضاً ترك الفخر والخيلاء والبغي والاستطالة على الخلق بحق أو بغير حق: فالفخر بالقول والخيلاء بالفعل والبغي والعدوان والاستطالة: الترفع والاستعلاء.
فالإنسان منهي أن يتفاخر على غيره بقوله , فيقول: أنا العالم! أنا الغني! أنا الشجاع!
وإن زاد على ذلك يستطيل على الآخرين ويقول: ماذا أنتم عندي؟ فيكون هذا فيه بغي واستطالة على الخلق.
والخيلاء تكون بأفعال , يتخايل في مشيته وفي وجهه وفي رفع رأسه ورقبته إذا مشي , كأنه إلى السماء , والله عز وجل وبخ من هذا الفعل فقال (وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا)] الإسراء 37 [
فالواجب أن تكون متواضعاً في القول وفي الفعل , لا تثن على نفسك بصفاتك الحميدة , إلا حيث دعت الضرورة أو الحاجة إلى ذلك , كقول ابن مسعود رضي الله عنه (لو أعلم أحداً أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه) (1) , فإنه رضي الله عنه قصد بذلك أمرين:
الأول: حث الناس على تعلم كتاب الله تعالى.
الثاني: دعوتهم للتلقي عنه.
والإنسان ذو الصفات الحميدة لا يظن أن الناس تخفى عليهم خصاله أبداً , وساء ذكرها الناس أم لم يذكرها , بل إن الرجل إذا صار يعدد صفاته الحميد أمام الناس , سقط من أعينهم, فاحذر هذا الأمر.
والبغي: العدوان على الغير ومواقعه ثلاثة بينها الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله (إن دماءكم , وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام) (2) , فالبغي على الخلق يكون في الأموال , والدماء والأعراض.
ففي الأموال: مثل أن يدعي ما ليس له , أو ينكر ما كان عليه , أو يأخذ ما ليس له , فهذا بغي في الأموال.
وفي الدماء: القتل فما دونه , كأن يعتدي على الإنسان بالجرح والقتل.
وفي الأعراض: يحتمل أن يراد بالأعراض: السمعة , فيعتدي عليه بالغيبة التي يشوه بها سمعته , ويحتمل أن يراد بها الزنى وما دونه , والكل محرم , فمن مكارم الأخلاق ترك الاعتداء على الأموال والدماء والأعراض.
*وكذلك الاستطالة على الخلق , يعني: الاستعلاء عليهم بحق أو بغير حق , وحقيقة الأمر أن يكون من شكر الله عليه أن إذا منَّ عليك بفضل على غيرك من مال أو جاه أو سيادة , أو علم
ــــــــــ
(1) أخرجه البخاري رقم5002 ومسلم رقم115 كتاب فضائل الصحابة (2) أخرجه البخاري رقم1739 ومسلم رقم29 ,31 كتاب الحج من حديث أبي بكرة.
, أو غير ذلك , فإنه ينبغي أن تزداد تواضعاً , حتى تضيف إلى الحسن حسنى , لأن الذي يتواضع في موضع الرفعة هو المتواضع حقيقة. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( ... وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله) (1).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله أوحى إلي أن تواضعوا , حتى لا يفخر أحد على أحدِ , ولا يبغي أحدٌ على أحد) (2).
...
أخلاق غير المسلمين
يورد كثير من الناس أن أهل الغرب أحسن أخلاقاً منا في تعاملهم و وبيعهم وشرائهم بينما تجد الغش والكذب وإنفاق السلة بالحلف الكاذب منتشراً بين صفوفنا نحن المسلمين.
¥