تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أَوَّلًا- لِأَنَّ الْكَمَالَ الَّذِي ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ هُوَ الْكَمَالُ النِّسْبِيُّ لَا الْمُطْلَقُ اتِّفَاقًا، وَلَوْ أَبَاحَ لَنَا الشَّرْعُ أَنْ نُثْبِتَ أَوْ نُطْلِقَ هَذَا الْكَمَالَ لِأَيِّ أَحَدٍ بِمُجَرَدِ ظُهُورِ عَلَامَاتِ الصَّلَاحِ عَلَيْهِ؛ لَمْ يَكُنْلِمَنْ خَصْهُنَّ النَّبِيُّ e بِالْكَمَالِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ غَيْرِهِنَّ مِنَ الْبَشَرِ كَبِيرُ مَزِيَّةٍ، لِذَا قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ- رَحِمَهُ اللهُ – عِنْدَ شَرْحِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ: « ... فَقَدْ أَثْبَتَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْكَمَالَ لِآسِيَةَ كَمَا أَثْبَتَهُ لِمَرْيَمَ، فَامْتَنَعَ حَمْلُ الْخَيْرِيَّةِ فِي حَدِيث الْبَابِ عَلَى الْإِطْلَاق» (4) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=923888#_ftn4)

قُلْتُ: وَيَتَّضِحُ الْأَمْرُ أَكْثَرَ لَوْ ضَرَبْتُ مِثَالًا بِقَوْلِ قَائِلٍ: «كَمُلَ مِنْ الرِّجَالِ كَثِيرٌ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنْ النِّسَاءِ إِلا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَ .... ، وَكَذَلِكَ مِمَّنْ كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ الْمِيهِيُّ، أَوْ فَلَانٌ مِنَ النَّاسِ» فَلَوْ سَمِعَهُ مُنْصِفٌ لَأَنَكَرَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ، فَإِنْ قَالَ: «إِنَّمَا قَصَدتُ أَنَّهُ بَلَغَ كَمَالًا لَا كَكَمَالِهِنَّ» قُلْنَا لَهُ: سَقَطَ اسْتِدْلَالُكَ؛ حَيْثُ أَنَّ الْأَصْلَ لَا يُسْتَدَلُ لَهُ إِلَّا بِأَصْلٍ مِثْلِهِ أَوْ فِي مَرْتَبَتِهِ أَوْ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ بِأَصْلٍ مُسَاوٍ لَهُ فِي الْوَصْفِ أَوِ الْحُكْمِ. فَإِنْ قَالَ: «إِنَّمَا قَصَدتُ مِنَ الْحَدِّيثِ لَفْظَةَ: (كَمُلَ مِنْ الرِّجَالِ كَثِيرٌ) فَلَعَلَّهُ يَكُونُ مِنْ هَؤَلَاءِ الرِّجَالِ» قُلنَا لَهُ: أَتَسْتَطِيعَ الْجَزْمَ بِذَلِكَ أَمْ هُوَ مُجَرَّدُ احتِمَالٍ؟ فِإِنَ قَالَ: مُجَرَّدُ احتِمَالٍ، قُلْنَا: وَمَعَ الِاحْتِمَالِ يَسْقُطُ الِاسْتِدْلَالِ.، وَإِنْ قَالَ: نَعْمْ أَجْزِمُ بِذَلِكَ. قُلْنَا لَهُ: أَنَّ تَعْيِينَ النَّبِيِّ e الْكَمَالَ لِمَنْ ذُكِرْنَ فِي الْحَدِيثِ، أَوْ مِمَّنْ خُصِّصُوا بِالْكَمَالِ مِنَ الرِّجَالِ فِي مَوَاضَعٍ أُخْرَى مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ e « كَمُلَ مِنْ الرِّجَالِ كَثِيرٌ» كَغَيْرِهِ مِنَ الْغَيْبِيَّاتِ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تُتَلَقَّىمِنْ قِبَلِ الْوَحْيِّ الْإِلَهِيِّ، وَمِمَّا يُؤَكِدُ ذَلِكَ مَا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لِلْحَدِيثِ: «أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ وَمَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ» (5) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=923888#_ftn5) فَعُلِمَ أَنْ مَآلَ الْكَمَالِ إِلَى الْجَنَّةِ، فَكَوْنُ النَّبِيِّ e يُثْبِتُ لَهُنَّ الْكَمَالَ أَوْ أَنْهُنَّ مِنْ أَهْلِ الْجَنَةِ لَابُدَّ وَأَنْ يَكُونَ قَدْ أُخْبِرَ بِهِ مِنْ رَبِّ الْعِزَّةِ. وَكَذَلِكَ فَالْمُتَتَبِّعُ لِنُصُوصِ الشَّرْعِ يَعْلَمُ أَنْ مَنْ جَاءَ ذكْرُهُنَّ فِي الْحَدِيثِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِنَّ بِأَنَهُنَّ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي مَوَاضِعٍ أُخْرَى.

فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُثْبِتَ الْكَمَالَ لِشَخْصٍ مَا إِلَّا بِمَنْ وُصِفَ بِالْكَمَالِ عَنْ طَرِيقِ الْوَحْيِّ، وَمَنْ أَثْبَتَ الْكَمَالَ لِأَحَدٍ بِغَيْرِ بُرْهَانٍ - كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ - فَدَعْوَاهُ مَرْدُودَةٌ عَلَيْهِ، وَيَتَّضِحُ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَوْ ضَرَبْتُ نَفْسَ الْمَثَالَ السَّابِقَ تَمَامًا لَطُلِبَ عَلَى التَّوِ بِدَلِيلٍ مِنْ وَحْيٍ - قُرْآنٍ أَوْ سُنَّةٍ - عَلَى هَذَا الزَّعْمِ، وَأَنَّى يَجِدُ!!.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير