تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[رندا مصطفي]ــــــــ[01 - 01 - 09, 08:55 م]ـ

قول الناظم الشيخ سليمان الجمزوري -رحمه الله-:

.................... عَنْ شَيْخِنَا الْمِيهِي ذِي الْكَمَالِ)

قوله: "ذي الكمال": هذه اللفظة من المجمل الذي يحتاج إلى تفصيل؛ فإن كان يقصد بـ "الكمال ": الكمال النسبي؛ فهذا لا شيء فيه؛ وإن كان يقصد الكمال التام المطلق في العلم وغيره، فهذا خطأ عقدي كبير، ولا يجوز ذلك إلا في حق الله، وهذا هو مراد الشيخ الجمزوري – رحمه الله - حيث قال في كتابه " فتح الأقفال": ذي الكمال: أيالتمام في الذات والصفات وسائر الأحوال الظاهرة والباطنة فيما يرجع للخالقوالمخلوق.

وللرد على ذلك إجمالاً أقول:هذا لا شك فيه أنه من الغلو والإفراط في المخلوق، حيث إنالكمال المطلق لا يكون إلا لله- سبحانه وتعالى - في الذات والصفات، فالله تباركوتعالى لاينام ولا ينبغي له أن ينام، ولا يأكل ولا يشرب، لا ولد له ولا ندّ له ولازوجة له (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)، فالله تعالى له صفات الكمال ولا يوصف بنقص على الإطلاق؛ أمّا المخلوق: فهو العبد الضعيف الفقير المسكين الذي يأكل ويشرب ويتغوط ويتبول ويتزوج ويمرض ويموت، فأي فرق بين الخالق والمخلوق في الذات الصفات؟، نعمالمخلوق له كمال؛ ولكنه كمال نسبي؛ لان الله هو الذي علمه، وهل يوجد إنسان على وجه الأرض يكون علمه تاماً أو كامل العلم؟ الجواب: لا، قال تعالى: (وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً)، والكل يعلم قصة كليم الله موسى – عليه وعلى نيينا أفضل الصلاة والتسليم – لما نسب لنفسه العلم دون مرده إلى الله كيف فعل الله معه؟ والقصة في سورة الكهف، ومعنى أننا نقول عن شيخ أو إنسان أنه كامل العلم: أنه لا يخطأ، وبالتالي يكون معصومَ الخطأ، وهذا خطأ كبير؛ لذا نقول: إن الكمال المطلق التام لا يوصف به مخلوق البتة، حتى لا نسوِّي بين الخالق والمخلوق في الذات والصفات؛

لذا عدَّل بعض محققي النظم- من طلاب العلم – قول الناظم:

" ذي الكمال " إلى "ذي الجمال " (1 ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=955835#_ftn1)) .

أقول: نلفظ بها كما هي " ذي الكمال "؛ ولكن على مرادها الحقيقي وهو: الكمال النسبي، وننبه الطلاب على هذه المسائل العقدية التي تركناها وراءنا ظهرياًوالتي ينبغي على كل مسلم أن يتعلم منها ما هو

فرض عين عليه؛ لأن العقيدة هي أشرف العلوم الشرعية على الإطلاق ولا يماري في ذلك إلاجاهل بربه سبحانه وتعالى؛ ولأنك ستُسأل في قبرك من ربك وما دينك وما نبيك؟، أسالالله - عزّوجل- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يتقبل منا صالح أعمالنا، وأن يميتنا على العقيدة الصحيحةآمين.


(1) قد يقول قائل: أليس الجمال لله أيضاً؟ وفي الحديث: " إن الله جميل يحب الجمال "، فالجمال لله، أقول: إن هناك قدراً مشتركاً في الأسماء و الصفات بين الخالق والمخلوق، فالله سمى نفسه بـ بالعليم والعزيز والملك والكريم وغير ذلك، وسمى بعض خلقه بنفس هذه الأسماء، والله وصف نفسه بالحياة، والعلم، والقدرة، والسمع، والبصر، والكلام، ووصف عباده بنفس هذه الصفات، ولكن هل يلزم من اتفاق الأسماء والصفات بين الخالق والمخلوق التماثل؟، قال الإمام ابن تيمية – رحمه الله – في العقيدة التدمرية: " ..... ولهذا سمى الله نفسه بأسماء، وسمى صفاته بأسماء، وكانت تلك الأسماء مختصة به إذا أضيفت إليه لا يشركه فيها غيره، وسمى بعض مخلوقاته بأسماء مختصة بهم، مضافة إليهم، توافق تلك الأسماء إذا قطعت عن الإضافة والتخصيص؛ ولم يلزم من اتفاق الاسمين، وتماثل مسماهما، واتحاده عند الإطلاق والتجريد عن الإضافة والتخصيص اتفاقهما، ولا تماثل المسمى عند الإضافة والتخصيص، فضلاً عن أن يتحد مسماهما عند الإضافة والتخصيص " ا. هـ كلامه.
خذ هذا المثال – أخي الكريم - حتى يتضح لك الأمر بإذن الله – عز وجل -:
الله هو الملك – سبحانه-، وأثبت الله للإنسان الملك، فقال: (وقال الملك إني أرى سبع بقرات .. ) الآية، وقال تعالى: (وما ملكت أيمانكم ... ) الآية، فاسم " الملك " هنا مشترك ببين الخالق والمخلوق، ولكن السؤال: هل مُلْك الإنسان يدوم، أم أنه لأجل مسمى؟ الجواب: هو لا يدوم؛ بل لأجل مسمى، فأنت ترى الإنسان يملك قصراً ومالاً وحُكْماً ونساءً وخدماً و عقارات وأراضي .... إلخ، فإذا جاء أجل الإنسان ومات: ضاع ملكه، فأين الكرسي والمال والجاه وجميع ما يملكه؟ ذهب هذا كله بفناء صاحبه، فأصبح لا يملك شيئاً؛ لذا نقول: الملك هنا: ملك نسبي وهبه الله للإنسان لفترة محدودة ثم يأخذه الله منه أو يخلفه لأحد غيره، أما الله- سبحانه -: فملكه تام مطلق لا يلحقه ضرر ولا زوال ولا فناء، فهو يملك كل شيء، وبيده كل شيء، لا لفترة محدودة كالمخلوق؛ إنما ملك على الدوام؛ لأنه هو الأول والآخر والوارث – سبحانه -، فاتضح من ذلك أن: اسم المَلِك وصفة المُلْك لله، غير اسم الملك وصفة الملك للإنسان، فرغم اشتراك اللفظين؛ إلا أنه لا يلزم من ذلك: التمثيل أو التشبية، لذا نقول: نثبت الاسم والصفة لله دون " تكيف أو تمثيل أو تحريف أو تعطيل"، والله أعلم.

(2) وهذا منتشر عند كثير من الناس الذين لا يهتمون بأصول دينهم؛ فترى الواحد منهم يرى كلمات فيها من المدح والغلو المذموم في ترجمة شيخ من الشيوخ في منتدى ما ثم يقول: مَن شيوخ هذا الشيخ؟، ومَن تلامذته الآن؟، ولا يبالون بهذه الكلمات، ولا ينكرون منكراً، و سكوتهم على هذا إقرار منهم بهذا الشيء إذا كانوا على علم به، فنسأل الله السلامة.

الشيخ:

أَبِي أَحْمَدَ حَسَن ِبْن ِمُصْطَفَى بْنِ أَحْمَدَ الْوَرَّاقِيِّ الْمِصْرِيِّ

عُضْوُ هَيْئَةِ التَّدْرِيسِ بِقِسْمِ الدِّرَاسَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ بِكُلْيَّةِ الْمعَلِّمِينَ جَامِعَةِ الطَّائِفِ
وَالْمُقْرِيءُ بِالْمَعْهَدِ الْعِلْمِيِّ الْأَزْهَرِيِّ لِلْقُرْآنِ بِمَسَاكِنَ كُورْنِيشِ النِّيلِ الْقَاهِرَةِ
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير