ولما أتموا نسخ الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق من الآفاق الإسلامية بمصحف بما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق سدا لباب الشر والفتنة.
ـ[براءة]ــــــــ[21 - 11 - 09, 05:23 م]ـ
كم مرة جمع القرآن الكريم:
مما تقدم تعرف أن القرآن الكريم جمع – بمعنى كتب – ثلاث مرات.
الأولى في العهد النبوي الشريف، والثانية في عهد الصديق، والثالثة في عهد عثمان،
وتستطيع أن تفرق بين جمعه في عهوده الثلاثة،
فالجمع في العهد النبوي عبارة عن كتابة الآيات وترتيبها ووضعها في مكانها الخاص من سورها ولكن مع بعثرة الكتابة وتفرقها بين عسب وعظام وغيرها كما سبق، وكان المقصود من هذا الجمع – بمعنى الكتابة – زيادة التحري في ضبط ألفاظه وحفظ كلماته، فوق ما في ذلك من تقديس القرآن والنتبيه على رفعة شأنه كما هو الشأن في تقييد الأشياء النفيسة وإن كان المعول عليه في ذلك الوقت مجرد الحفظ في الصدور.
والجمع في عهد الصديق عبارة عن نقل القرآن جميعه وكتابته في مكان واحد بالتواتر، وكان الغرض منه الاحتياط والمبالغة في حفظ هذا الكتاب خوفاً عليه، أو على شيء منه الضياع بموت حملته وحفاظه.
وأما الجمع في عهد عثمان، فهو عبارة عن نقل ما في الصحف السابقة في مصاحف وارسال هذه المصاحف إلى أقطار الإسلام وكان المقصود من جمع القرآن وكتابته في تلك المصاحف القضاء على الفتنة التي ظهرت في صفوف المسلمين وتوحيد كلمتهم، وحملهم على ما تضمنته تلك المصاحف من القراءات الثابته المتواترة دون ما لم يكن كذاك من الأوجه التى نزلت أولاً للتيسير، ثم نسخت بالعرضة الأخيرة.
قال القاضي أبو بكر الباقلاني " لم يقصد عثمان قصد أبي بكر في نفس جمع القرآن بين لوحين، وإنما قصد جمعهم على القراءات الثابتة المعروفة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإلغاء ما ليس كذلك، وأخذهم بمصحف لا تقديم فيه ولا تأخير أثبت مع تنزيل، ولا منسوخ تلاوته كتب مع مثبت رسمه ومفروض قراءته وحفظه خشية دخول الفساد الشبهة على من يأتي بعد " اه
المصاحف العثمانية
عددها، حالتها، كيف أرسلت إلى الأمصار وموقف المسلمين إزاءها
عدد المصاحف:
اختلف العلماء في عدد المصاحف التى أرسلها عثمان رضى الله عنه إلى الأفاق على أقوال كثيرة، وأصحها في ذلك وأولاها بالقبول أنها ستة:
البصري، الكوفي، الشامي، المكي، المدني العام لأهل المدنية، المدني الخاص، وهو الذي حبسه عثمان لنفسه وهو الذي يسمى بالمصحف الإمام، ولعل اطلاق هذا الاسم على كل مصحف منها لاقتداء أهل الأمصار بها.
حالة المصاحف:
عرفت مما سبق ما اشتملت عليه المصاحف العثمانية من المزايا والخصائص، ونريد في هذا البحث أن نقفك على هذه الحقيقة، هل كانت هذه المصاحف مشتملة على الأحرف السبعة التي نزل عليها القرآن الكريم، أم كتبت على حرف واحد من هذه الأحرف.
ذهب فريق من العلماء إلى أن المصاحف العثمانية ليس فيها إلا حرف واحد من الأحرف السبعة وهو حرف قريش، محتجين على ذلك بأن باقي الأحرف إنما انزلت في ابتداء الأمر في صدر الإسلام للتيسير على الأمة ورفع الحرج والمشقة عنها، ولما رأى عثمان أن القراءة بالأحرف السبعة أصبحت مثار شقاق وفرقة بين المسلمين وأنها إنما أنزلت ابتداء للتيسير والتسهيل لأن إلزام جميع القبائل العربية بإلتزام لغة واحدة لم تتعودها ألسنتهم يوقعهم في الحرج والمشقة، وأنه لما الحاجة إلى هذه اللغات والأحرف قد انتهت اقتصر في كتابة المصاحف من هذه الأحرف واللغات على واحدة هي لغة قريش وأمر كتاب المصاحف بأن يقتصروا في كتابتهم عليها محتجاً على ذلك بأن القرآن قد نزل بها، ولذلك قال لهؤلاء الكتاب: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم.
وذهب جماهير العلماء من السلف والخلف إلى أن المصاحف مشتملة على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة متضمنة لما ثبت من القراءات المتواترة في العرضة الأخيرة لأنها كما علمت كانت خالية من النقط والشكل فكانت محتملة للأحرف السبعة، لا على معنى أن كل مصحف مشتمل على جميع الأحرف السبعة بل على معنى أن كل مصحف منها مشتمل على ما يحتمله رسمه من هذه الأحرف، وأن مجموعها لا يخلو عن الأحرف السبعة.
¥