ـ[براءة]ــــــــ[21 - 11 - 09, 05:33 م]ـ
نسخ المصاحف في عهد الخلفاء الراشدين وما أحدث بها من نقط وشكل وتجزئة
بينا في الكلام على جمع القرآن الكريم في عهد عثمان رضي الله عنه أنه كتب المصاحف ووجهها الى الأقطار الإسلامية، وذكرنا أن هذه المصاحف كانت مشتملة على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة وكانت مجردة من النقط والشكل لتكون محتملة لما تواترت قرآنيته من هذه الأحرف السبعة وكانت مجردة من النقط والشكل لتكون محتملة لما تواترت قرآنيته من هذه الأحرف، واستقر في العرضة الأخيرة، ولم تنسخ تلاوته
.
ظلت هذه المصاحف هكذا حقبة من الزمن، إلى أن كثرت الفتوحات الإسلامية، فاختلط اللسان الأعجمي باللسان العربي، وفشا اللخن على الألسنة، وكادت العجمة تطفي على الفصحى، وكان هؤلاء الأعاجم يعسر عليهم التمييز بين حروف القرآن وكلماته لأنها كما عرفت – غير منقوطة ولا مشكولة – فخشي أمراء المؤمنين وولاتهم أن يقضي ذلك إلى اللحن في كتاب الله تعالى، فعملوا على تلافي ذلك وإزالة أسبابه وأحدثوا من الوسائل ما يكفل صيانة الكتاب العزيز من اللحن وحفظه من التصحيف وهاك بيانها:
النقط والشكل:
النقط:
له معنيان: الأول ما يدل على ما يعرض للحرف من حركة أو سكون أو شد أو مد أو غير ذلك ويسمى بعضهم هذا النقط نقط الإعراب
المعنى الثاني: ما يدل على ذوات الحروف، ويميز بين معجمها ومهملها، كالموضوع على الباء والتاء والثاء والجيم والذال وهم جرا
فالنقطة على الباء قد ميزتها عما يشاركها فيرسمها من التاء والثاء، والنقطة التي على الجيم قد ميزتها عن الحاء وهكذا، ويسمى بعضهم هذا النقط نقط اعجام.
الشكل:
معناه يدل على ما يعرض للحرف من حركة أو سكون أو شد أو مد أو نحو ذلك، يرادفه الضبط، وعلى هذا يكون المعنى الأول للنقط مساوياً لمعنى الشكل والضبط.
وقد اختلف العلماء اختلافاً كثيراً في تعيين أول من أحدث النقط بمعنييه، والذي جنح إليه المحققون من العلماء أن المخترع الأول للنقط بمعناه الأول وهو نقط الإعراب أبو الأسود الدؤلي، فاختار أبو الأسود رجلا من عبد القيس وقال له خذ المصحف وصبغا يخالف لونه لون مداد المصحف فإذا فتحت شفتي فانقط واحدة فوق الحرف، وإذا ضممتها فاجعل النقطة إلى جانب الحرف – أي أمامه – وإذا كسرتهما فاجعل النقطة في أسفله، فإذا اتبعت شيئا من هذه الحركات غنة – أي تنوينا – فانقط نقطتين فبدأ بأول المصحف حتى أتى على آخره.
أما النقط بمعناه الثاني وهو نقط الإعجام فأرجح الأراء في ذلك أنه نصر بن عاصم ويحيى بن يعمر وذلك بأمر من أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان أمر الحجاج بن يوسف على أن يعمل جاهدا على إبعاد أسباب التحريف عن ساحة القرآن فاختارهما، فوضعا هذا النوع من النقط لتمييز الحروف بعضها عن بعض ليضمن بذلك سلامة القرآن من اللحن والتصحيف، وكان هذا النقط بلون مداد المصحف حتى يتميز عن النقط الذي وضعه أبو الأسود.
ثم في عصر الدولة العباسية ظهر إمام النحو الخليل بن أحمد البصري فأخذ نقط أبي الأسود وصور فيه وجعله على هذا النمط المستعمل الآن، فجعل الضمة واوا صغيرة تكتب فوق الحرف، والفتحة ألفا صغيرة مبطوحة، والكسرة ياء، ثم وضع علامة للشدة رأس الشين، وللسكون رأس خاء، وعلامة للمد وأخرى للروم والإشمام وهكذا، ثم إن هذه العلامات دخل عليها شيئا من الإختزال والتحسين حتى آلت إلى ما هي عليه الآن.
تجزئة المصحف:
كما كانت المصاحف العثمانية خالية من النقط والشكل كانت خالية من التجزئة أيضا، ثم قامت طائفة فقسمت القرآن ثلاثين قسماً، وأطلقت على كل قسم منها اسم الجزء وقسمت هذا الجزء إلى حزبين، وقسمت الحزب إلى أربع أجزاء، وأطلقت على كل جزء منها اسم الربع، وكل ذلك معروف لا يكاد يجهله أحد.
ومن كتاب المصاحف في الصدر الأول من كان يضع ثلاث نقط عند آخر كل فاصلة من فواصل الآيات إعلاما بانقضاء الآية، ويكتب لفظ خمس عند انقضاء خمس آيات من السورة، ولفظ عشر عند انقضاء عششر آيات منها، فإذا انقضت خمس أخرى أعاد كتابة لفظ خمس فإذا صارت عشرا أعاد كتابة لفظ عشر ولا يزال هكذا إلى آخر السورة
¥