وَجَوِّد الحُرُوفَ لاَ تَتْرُكْها عَارِيةً مِنْ ذَاكَ بل فكِّكْها
مِنْ غَيْرِ إِفْرَاطٍ وَلاَ إِسْرَافِ إِذ ذَّاكَ مَكِرُوهٌ بلا خِلاَفِ 29 ( http://www.omraan.net/modules.php?name=Universal&op=ViewItems&vid=12#29)
والتحقيق والترتيل سِيّان من حيث تقويم الألفاظ، وإنما يفترقان في كون التحقيق يكون بقصد التعلم ورياضة اللسان، والترتيل يكون بقصد التدبر والتفكر.
وللقارئ بعد أن يحقق النطق بالحروف مفردة ومركبة أن يقرأ حدرا أو تدويرا.
والْحَدْرُ: الإسراع بالقراءة، وهو ضد التحقيق، وذلك بغية تكثير الحسنات، إذ كان له بكل حرف عشر حسنات، مع المحافظة على قواعد القراءة جملة. وليحذر القارئ بالحدر أن يبتر حروف المد، ويذهب بصوت الغنة، ويختلس أكثر الحركات ... قال الداني: "وإنما يستعمل القارئ الحدر والهَذْرَمةَ وهما سرعة القراءة مع تقويم الألفاظ وتمكين الحروف لتكثير حسناته، إذ كان له بكل حرف عشر حسنات، وذلك بمعرفته بالهمز من غير لَكَنٍ30 ( http://www.omraan.net/modules.php?name=Universal&op=ViewItems&vid=12#30)، والمد من غير تمطيط، والتشديد من غير تمضيغ، والإشباع من غير تكلف"31 ( http://www.omraan.net/modules.php?name=Universal&op=ViewItems&vid=12#31).
والتَّدْوِيرُ: التوسط بين حالتي التحقيق والحدر.
وأما الزَّمْزَمَةُ: فهي القراءة في النفس خاصة، بحيث يكون الصوت بها مُحَسًّا، ولكنه غير مستبين للمخافتة التي فيها، وهي جائزة، لكن مع تقويم الحروف وإتمامها وإخراجها من مخارجها.
والناس تتفاوت طبائعهم وكذا أنفاسهم، فمنهم من يميل إلى ترتيل القراءة وتحقيقها، ومنهم من لا يعرف سوى القراءة بالسرعة والحدر، وإن حقق أخطأ، ومنهم من اتخذ بين المرتبتين سبيلا فقرأ تدويرا. قال الداني:
فَالْفَضْلُ في التَّرتيلِ والتحقيقِ والْحَدْرُ ما فيه إذا مِنْ ضِيق
لأنَّ دِينَ الله سَهْلٌ يُسْرُ كَذَا أَتَى وما عَلَيْنَا إِصْرُ 32 ( http://www.omraan.net/modules.php?name=Universal&op=ViewItems&vid=12#32)
ثم إن إتقان القراءة وتحقيق لفظ التلاوة ينبغي ألا يجعل القارئ متنكبا تدبر معاني كتاب الله والخشوع في تلاوته، بحيث يستفرغ الوسع فقط لتحقيق الحروف والمبالغة في تجويدها، بل الواجب عليه صرف همته كذلك لخشوع القلب لما نزل من الحق، ويجمل به ألا يزدري حفاظَ القرآن ممن لا يتقنون التلاوة، ويرميهم بالجهل وبذميم الصفات، وينظر إليهم بعين المقت والاحتقار، بل الواجب عليه النصح لهم، وتعليمهم ما جهلوه، والتأدب معهم لكونهم أهلَ الله وخاصتَه.
سادسا: التغني بالقرآن وتحسين الصوت به
يستحب تحسين الصوت بالقرآن، واستفراغ الوسع للتغني به، والتلذذ بتلاوته، والتشاغل به عن غيره. فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِه) 33 ( http://www.omraan.net/modules.php?name=Universal&op=ViewItems&vid=12#33) . وعن البراء بن عازب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (حَسِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ، فَإِنَّ الصَّوْتَ الْحَسَنَ يَزِيدُ الْقُرْآنَ حُسْنًا) 34 ( http://www.omraan.net/modules.php?name=Universal&op=ViewItems&vid=12#34) . وعن سعد بن أبي وقاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ) 35 ( http://www.omraan.net/modules.php?name=Universal&op=ViewItems&vid=12#35) . وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: (دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ فَسَمِعَ قِرَاءَةَ رَجُلٍ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟. قِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ، فَقَالَ: لَقَدْ أُوتِيَ هَذَا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ) 36 ( http://www.omraan.net/modules.php?name=Universal&op=ViewItems&vid=12#36) .
¥