أقول: لو رجعنا إلي النشر نجده عند ذكر الكتب التي اعتمدها وقد قدم الشاطبية وجعل الشاطبية طريقا منفردا عن التيسير ثم ذكر بعده كتاب التيسير حيث قال ابن الجزري:"باب ذكر إسناد هذه العشر القراءات من هذه الطرق والروايات، وها أنا أقدم أولا كيف روايتي للكتب التي رويت منها هذه القراءات لنا ثم أتبع ذلك بالأداء المتصل بشرطه (ثم ذكر سنده في الشاطبية قائلا) أخبرني بها الشيخ الإمام العالم شيخ الإقراء أبو محمد عبد الرحمن ... ثم ذكر عدة شيوخ ثم ذكر كتاب التيسير قائلا:حدثني به شيخنا ا. شيخ الإقراء أبو المعالي محمد بن أحمد ... ثم ذكر عدة شيوخ.ثم ذكر بقية الكتب، وتبعه علي ذلك سار العلماء وانظر النويري والمنصوري والروض النضير وتحريات عامر عثمان والزيات وغيرهم كلهم علي العمل باختيار الشاطبي
فإن قال قائل:إن ما ذكرته لا يدل علي التفرقة بينهما وقصاري الأمر أنه زاد أوجها؟
الجواب: ذكرهم الشاطبية والتيسير ثم ذكرهم انفراد الشاطبية دون التيسير دليل علي المغايرة بين الكتابين لا المطابقة. والدليل علي ذلك:قال المتولي عند ذكره لإسناد قالون: فأما ابن بويان عن أبي نشيط عن قالون فمن التيسير والشاطبية وهداية المهدوي ......
ثم قال: وأما القزاز عن أبي نشيط فمن الشاطبية وتذكرة ..... ولم يذكر التيسير عند ذكره القزاز .. وهذا الطريق الزائد عما في التيسير عمل به العلماء وأقروه.
ثم ذكر سند ورش فقال: وأما النحاس عن الأزرق عن ورش فمن التيسير والشاطبية .... وهو في كل أسانيد القراء ذكر التيسير والشاطبية فدل ذلك أنهم كانوا يقرون اختيار الشاطبي، إن كان الأمر كذلك فمن أين أخذ الشاطبي اختياره؟؟ قال الإمام سلطان مزاحي (ت 1075هـ) في كتاب أجوبة المسائل العشرين:"فإن قلت:من أين يعلم أن مكيا وابن بليمة ليسا من طريق الشاطبية؟
قلت:لأن الشاطبي ينتهي سنده للداني لأنه أخذ القراءة عن أبي الحسن عن ابن هذيل عن أبي داود الأموتي عن الداني،وكل ما كان من طريق الداني سواء كان في (التيسير) أو (جامع البيان) أم (المفردات) فهو طريق له، وما خرج عن ذلك ليس من طريقه ... "صـ23
ثم يقول الشيخ سلطان بعد إثباته أن طريقي مكي وابن بليمة ليسا من طريق الشاطبية:" ..... ومقتضي ما ذكرناه أن يسقط مما تقدم وما سنذكره بعض الوجوه من طريق الشاطبي،لكن الذي ذكرناه قرأنا به علي شيخنا ـ رحمه الله ـ"صـ 24
قال الجعبري في باب المد والقصر مثل (أمره إلي) ليعلم أن حروف صلة معتبرة في هذا الباب وكذا صلة الميم نحو "عليهم أأنذرتهم ـ ومنهم أميون "فيمد لكل علي مذهبه استصحابا بالأصل الإثبات،وقال في حروف قربت مخارجها:التفريع قالون بإدغام (يعذب) وقصر ومد مع ترك الصلة وبهما معها،أربعة عن طرق القصيد،وقال في باب الراءات (ربنا إننا سمعنا مناديا) فالقصر وعدمه وصلة الميم وإسكانها أربعة أوجه من طريق القصيد. "
وقوله " طريق القصيد. " واضح أنهم كانوا يعدُّون الشاطبية طريقا دون التيسير وسيأتي مزيد بيان.
ومما ذكر دل علي أن الشاطبي له اختيار في القراء،والأوجه التي تعقبها البعض كالوجه المتعقبة علي سائر الكتب من انفرادة راو أو مخالفته لطريقه مع عدم شهرة الطريق وهكذا.
قال د/النحاس:" سند الشاطبية هو سند التيسير فشراح الشاطبية مجموعون على أن سند الشاطبية هو سند التيسير. راجعوا في ذلك غيث النفع، وشرح الضباع والقاضي وغيرهم، قالوا إن الشاطبي قد أهمل ذكر سنده وطرق كتابه اعتمادا على أصله وهو التيسير، ثم ذكروا الطرق التي ذكرها صاحب التيسير في كتابه واعتمدها في روايته ـــ وهو السند الذي يصل من قراءة الداني على شيوخه إلى كل من الأئمة السبعة القراء."
الجواب: قد تبين مما سبق أن الشاطبي له اختيار وارجع إلي قول سلطان وما قاله عن طريق الشاطبي ـ أي اختياره ـ " وكل ما كان من طريق الداني سواء كان في (التيسير) أو (جامع البيان) أم (المفردات) فهو طريق له، وما خرج عن ذلك ليس من طريقه "
قال د/ النحاس:" ثم قالوا وما خرج عن طرق كتابه فهو على سبيل الحكاية وتتميم الفائدة."
¥