[من أعلام أصحاب المصاحف -: مصحف عقبة بن عامر الجهني]
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[17 - 05 - 10, 10:49 م]ـ
من أعلام أصحاب المصاحف -: مصحف عقبة بن عامر الجهني بخط يده
للدكتور / عمر يوسف عبد الغني حمدان
تندرج هذه السلسلة ضمن دراسة علميّة مستفيضة، تشمل أيضاً سلسلةً (من أعلام نَقَطَة المصاحف)، وأخرى (من أعلام كَتَبَة المصاحف) من القرن الأوّل للهجرة النبويّة الشريفة، وذلك غرض الاستفادة من الأخبار والروايات الواردة بشأنها في دراسة مسائل وقضايا متعلّقة بأدب المصاحف وتاريخ تطوّره، خاصّة في مراحله الأولى.
يُستثنى من السلسلة الأولى والثالثة كلٌّ من الصحابيّ عبد الله بن مسعود وأبي موسى الأشعريّ وأبيّ بن كعب، رضوان الله عليهم أجمعين، لأنّ مصاحفهم الخاصّة بهم قد سُلّطت عليها الأضواء قديماً وحديثاً بالقدر الكافي الذي يغني عن الإعادة والتكرار.
بالمقابل سأتحدّث عن بعض المشاهير من الصحابة الكرام وأوائل التابعين الذين قد حظوا بقدر يسير من الذِّكر عند القدامى دون اهتمام جدير بهم عند المحدثين رغم مكانتهم الكبيرة وأهمّيّة ما ورد بحقّ مصاحفهم الخاصّة بهم من أوصاف ومعلومات جديرة بالوقوف عليها والنظر فيها.
سأكرّس الحلقة الأولى من هذه السلسلة للصحابيّ الجليل عقبة بن عامر الجهنيّ (ت58هـ) وللحديث عن مصحفه الخاصّ به، فأقول وبالله التوفيق والتسديد:
كان عقبة بن عامر الجهنيّ في بداية حياته راعي غنم مع بعض الرعاة، يخدمون أنفسهم ويتداولون رعيها بينهم. لَمّا قدم الرسولُ صلّى الله عليه وسلّم المدينةَ بايعه بيعة هجرة، فصاحبه وأقام معه. لقد مدحه الرسولُ الكريم وغيرَه من الرعاة في قوله: \"يعجب ربّك عزّ وجلّ من راعي غنم في رأس الشظية للجبل يؤذّن بالصلاة ويصلّي، فيقول الله عزّ وجلّ: انظروا إلى عبدي هذا! يؤذّن ويقيم. يخاف شيئًا. قد غفرت له وأدخلته\" (1). يُروَى أنّه لَمّا أُهديت للرسول عليه السلام بغلة شهباء، كان يقودها له عليه السلام في أسفاره.
يكشف عن أحواله وظروفه الصعبة التي عاشها في هذه المرحلة أنّه كان من أصحاب الصفّة؛ فقد جاء عنه قوله: \"بعثني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ساعياً، فاستأذنته أن آكل من الصدقة؛ فأذن لي\" (2)، لكنّه ما فتئ أن أصبح كبير الشأن، من رفعاء الصحابة الكرام، إذ له الهجرة والصحبة والسابقة؛ \"لمّا قُبض النبيّ وندب أبوبكر الناسَ إلى الشام، خرج عقبة بن عامر، فشهد فتوح الشام ومصر\" (3). كان البريدَ إلى عمر بن الخطّاب بفتح دمشق كما قال: \"خرجتُ من الشام يوم الجمعة، ودخلتُ المدينة يوم الجمعة؛ فقال لي عمر: هل نزعتَ خُفَّيْك؟ قلتُ: لا. قال: أصبتَ السنّة\" (4).
روى الإمام أحمد (ت240هـ) بإسناده إلى عبد الرحمن بن عائذ، قال: \"انطلق عقبة بن عامر الجهنيّ إلى المسجد الأقصى، ليصلّي فيه؛ فاتّبعه ناس؛ فقال: ما جاء بكم؟ قالوا: صُحْبَتُكَ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم. أحببنا أن نسير معك ونسلّم عليك. قال: انزلوا، فصلّوا! فنزلوا؛ فصلّى وصلّوا معه، فقال حين سلّم: سمعتُ صلّى الله عليه وسلّم يقول: ليس من عبد يلقى الله عزّ وجلّ لا يشرك به شيئًا، لم يَتَنَدَّ بدم حرام إلا دخل من أيّ أبواب الجنّة شاء\" (5). كذلك يشهد لهذه الصحبة الكريمة ما رواه الإمام بإسناده إلى أبي عليّ الهمدانيّ، قال: \"خرجتُ في سفر ومعنا عقبة بن عامر. قال: فقلنا له: إنّك يرحمك الله من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ فأُمَّنا! فقال: لا، إنّي سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: مَن أمّ الناس، فأصاب الوقت وأتمّ الصلاة، فله ولهم، ومن انتقص من ذلك شيئًا، فعليه ولا عليهم\" (6).
في ميدان الجهاد كان من الرماة المذكورين. روى أحاديث في فضائل الرماية والجهاد والرباط في سبيل الله، منها ما رواه خالد بن زيد الأنصاريّ،
¥