سؤال عن الذين تمنّوا مثل ما أوتي قارون
ـ[هاني حمدان]ــــــــ[13 - 05 - 10, 05:59 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الآيات من سورة القصص التي تتحدث عن الذين تمنّوا مثل ما أوتي قارون آيات تبدو شديدة الزجر عن فعلهم القلبي القولي. فالذين وصفهم الله بالذين أوتوا العلم ردّوا على المتمنّين فاستعملوا كلمة "ويلكم"، وبعد أن خسف بقارون أوضحت الآيات أن الذين تمنّوا مكانه كان يمكن أن يخسف بهم لولا منّة الله عليهم. أي أنه يبدو أن تمنّيهم كان بحدّ ذاته خطيئة كبيرة.
والآية لم تقل إنهم حسدوا قارون بمعنى تمنّي زوال النعمة، فكل ما كان أنهم تمنّوا لو أن لهم مثل ما له، وليس لو أن ماله كان لهم.
يصعب على المرء أن يقرأ هذه الآيات بغير أن يتعلم منها أن ينهى نفسه بشدّة عن شيء ما. لكن ما ذلك الشيء؟ هل من المحرّم أن يتمنى المرء المال الكثير إذا رأى غيره عنده مال كثير؟ وما الفرق بين ما فعل هؤلاء المذكورين في الآية وبين الغبطة المشروعة؟ وماذا ينبغي للمسلم أن يشعر حين يرى قصرا منيفاً أو مظهرا من مظاهر الغنى؟ وهل لديكم كلام أحد العلماء الأفاضل في هذه الجزئية؟
جزاكم الله خيرا ونفع بكم وأعلى مقامكم.
ـ[أحمد الأقطش]ــــــــ[16 - 05 - 10, 06:47 ص]ـ
يقول تعالى {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}. وهذا القول منهم دالٌّ على انبهارهم بقارون، وتفضيلهم ما هو فيه مِن النعيم على نعيم الآخرة، ولذلك وصفهم الله تعالى بقوله {يريدون الحياة الدنيا}.
قال ابن كثير في تفسيره: ((فلمَّا رآه مَن يريد الحياةَ الدنيا ويميل إلى زخارفها وزينتها، وتمنوا أن لو كان لهم مثل الذي أعطي، قالوا {ي?لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِيَ قَـ?رُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} أي: ذو حظ وافر من الدنيا. فلمَّا سمع مقالتَهم أهلُ العلم النافع، قالوا لهم: {وَيْلَكُمْ ثَوَابُ ?للَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَـ?لِحاً} أي: جزاءُ الله لعباده المؤمنين الصالحين في الدار الآخرة خيرٌ مما ترون)). اهـ
فليس في الآية ما يدل على معنى الحسد وتمني زوال النعمة، بل طلب الدنيا والإعراض عن الآخرة.
والله أعلم
ـ[هاني حمدان]ــــــــ[17 - 05 - 10, 06:32 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي أحمد وبارك فيك. كان سبب سؤالي أني سمعت أحداً يقول إن المرء إذا رأى مظهرا من مظاهر الغنى وتمنّى أن يكون له مثله (لا لينفقه في الخير، بل لمجرد أن يكون ذا مال) بغير أن يتمنى زوال النعمة فذلك من الغبظة المشروعة. تساءلت عن مدى صحة ذلك وبدا لي أن الآيات من سورة القصص تجيب عن تساؤلي.
فما رأيك ورأي إخواني رواد الملتقى؟ هل من دليل أن الغبطة المشروعة محصورة في حديث "لا حسد إلا في اثنتين"؟ هل غبط الناس على المال لأجل ذاته مشروعة أم مكروهة أم محرّمة؟
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[17 - 05 - 10, 07:13 م]ـ
اذا تأملت هذا الحديث وربطت بينه وبين الآيات .. سيتضح لك الاشكال باذن الله
قال صلى الله عليه وسلم:" ........ وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ، قَالَ: إِنَّمَا الدُّنْيَا لأَرْبَعَةِ نَفَرٍ: عَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ مَالاً وَعِلْمًا، فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَيَعْلَمُ ِللهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالاً، فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ، يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالاً لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلاَنٍ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ، فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ مَالاً وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا، فَه ُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، لاَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَلاَ يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَلاَ يَعْلَمُ ِللهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَخْبَثِ الْمَنَازِلِ، وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللهُ مَالاً وَلاَ عِلْمًا، فَهُوَ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالاً لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلاَنٍ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ، فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ. أخرجه أحمد 4/ 231 (18194) و\"التِّرمِذي\" 2325 قال الشيخ الألباني: (صحيح) انظر حديث رقم: 3024 في صحيح الجامع.
والآن تامل الآيات
فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80) فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (81) وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ
لاحظ ان الحديث الشريف جاء لبين فضل العلم وليس فضل المال
فاذا اوتيت العلم لا يهم بعدها اذا كنت فقيرا او غنيا
اما الايات فجعلت الذين يريدون الحياة الدنيا في الجهة المقابلة للذين اوتوا العلم
والملاحظة الاخيرة: ان الذين يريدون الحياة الدنيا لم يتمنوا المال فقط
ولكن تمنوا ان يكونوا مكان قارون في كل شيء (فهما في الوزر سواء)
¥