تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال ابن كثير: يقول تعالى لائماً لهم على نكولهم عن الجهاد، ودخولهم الأرض المقدسة، لما قدموا من بلاد مصر صحبة موسى عليه السلام، فأمروا بدخول الأرض المقدسة التي هي ميراث لهم عن أبيهم إسرائيل، وقتال من فيها من العماليق الكفرة، فنكلوا عن قتالهم وضعفوا، واستحسروا، فرماهم الله في التيه عقوبة لهم، كما ذكره تعالى في سورة المائدة. ولهذا كان أصح القولين: أن هذه البلدة هي بيت المقدس.

وقوله تعالى: ? فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً ?، أي: هنيئاً واسعاً. ? وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً ?: شكرًا لله تعالى. قال ابن عباس في قوله: ? وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً ? قال: ركعاً من باب صغير. وقال مجاهد: وهو باب الحطة، من باب إيلياء بيت المقدس.

? وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ ? قال ابن عباس: مغفرة، استغفروا. وقال قتادة: حطّ عنا خطايانا، أمروا بالاستغفار. ? وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ? ثواباً من فضلنا.

وقوله تعالى: ? فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ ? روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي ? قال: «قيل لبني إسرائيل: ادخلوا الباب سجدًا، وقولوا حطة، فدخلوا يزحفون على أستاههم، وقالوا: حبة في شعيرة». أخرجه البخاري وغيره، وفي حديث البراء: «قيل لهم: ادخلوا الباب سجداً، قال: ركعاً وقولوا: حطة، أي: مغفرة فدخلوا على أستاههم وجعلوا يقولون: حنطة حمراء وفيها شعيرة. فأنزل الله: ? فبدل الذين ظلموا قولاً غير الذي قيل لهم ?».

وقال البغوي: وذلك أنهم بدلوا قول: الحطة بالحنطة، فقالوا بلسانهم: حطاناً سمقاناً، أي: حنطة حمراء، استخفافاً بأمر الله تعالى. وقوله تعالى: ? فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ ?، أي: يعصون ويخرجون عن أمر الله. قال ابن عباس: كل شيء في كتاب الله من الرجز، يعني به: العذاب. وقال سعيد بن جبير: هو الطاعون.

قوله عز وجل: ? وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ (60) ?.

يقول تعالى: واذكروا نعمتي عليكم، إذ استسقى موسى، أي: طلب السقيل لقومه حين عطشوا في التيه ? فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ ?، قال ابن عباس: وجعل بين ظهرانيهم حجر مربع، وأمر موسى عليه السلام، فضربه بعصاه، ? فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً ?، في كل ناحية منه ثلاث عيون، وأعلم كل سبط عينهم يشربون منها، لا يرتحلون من منقله إلا وجدوا ذلك معهم.

وقوله تعالى: ? كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ ?، أي: كلوا من المن والسلوى، واشربوا من الماء، فهذا كله من رزق الله الذي يأتيكم بلا مشقة.

? وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ ?، العثي: أشد الفساد. قال السدي: لما دخل بنو إسرائيل التيه قالوا لموسى عليه السلام: كيف لنا بما ها هنا، أين الطعام؟ فأنزل الله عليهم المن، فكان ينزل على شجر الزنجبيل. والسلوى وهو: طائر يشبه السمّان أكبر منه، فكان يأتي أحدهم فينظر إلى الطير، فإن كان سمينًا ذبحه وإلا أرسله، فإذا سمن أتاه، فقالوا هذا الطعام فأين الشراب؟ فأمر موسى فضرب بعصاه الحجر ? فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً ? فشرب كل سبط من عين، فقالوا: هذا الشراب فأين الظل؟ فظلل عليهم الغمام، فقالوا: هذا الظل فأين اللباس؟ فكانت ثيابهم تطول معهم كما تطول الصبيان، ولا يتخرق لهم ثوب، فلذلك قوله تعالى: ? وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى ?، وقوله: ? وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ ?.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير