تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أصل الذنوب في لغة العرب الدلو، وعادة العرب أنهم يقتسمون ماء الآبار والقلب بالدلو، فيأخذ هذا منه ملء دلو، ويأخذ الآخر كذلك، ومن هنا أطلقوا اسم الذنوب، التي هي الدلو على النصيب. قال الراجز في اقتسامهم الماء بالدلو:

لنا ذنوب ولكم ذنوب فإن أبيتم فلنا القليب

ويروى:

إنا إذا شاربنا شريب له ذنوب ولنا ذنوب

فإن أبى كان لنا القليب

ومن إطلاق الذنوب على مطلق النصيب قول علقمة بن عبدة التميمي.

وقيل عبيد:

وفي كل حي قد خبطت بنعمة فحق لشأس من نداك ذنوب

وقول أبي ذؤيب:

لعمرك والمنايا طارقات لكل بني أب منها ذنوب

فالذنوب في البيتين النصيب، ومعنى الآية الكريمة، فإن للذين ظلموا بتكذيب

(54/ 29)


ص -450 - النبي صلى الله عليه وسلم ذنوبا، أي نصيبا من عذاب الله مثل ذنوب أصحابهم من الأمم الماضية من العذاب لما كذبوا رسلهم.
وهذا المعنى الذي تضمنته هذه الآية الكريمة جاء موضحا في آيات كثيرة من كتاب الله كقوله تعالى: {قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ, فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ} [الزمر:50 - 51].
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {فَلا يَسْتَعْجِلُونِ} قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الرعد في الكلام على قوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ} [الرعد:6] , وفي سورة مريم في الكلام على قوله: {فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً} [مريم:84] وغير ذلك من المواضع.
قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ}. ما تضمنته هذه الآية الكريمة من تهديد الكفار بالويل من يوم القيامة لما ينالهم فيه من عذاب النار، جاء موضحا في آيات كثيرة كقوله تعالى في ص: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} [صّ:27] , وقوله في إبراهيم: {وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} [إبراهيم:2] , وقوله في المرسلات: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ}، والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة.
وقد قدمنا أن كلمة {وَوَيْلٌ}، قال فيها بعض أهل العلم: إنها مصدر لا فعل له من لفظه، ومعناه الهلاك الشديد، وقيل: هو واد في جهنم تستعيذ من حره، والذي سوغ الابتداء بهذه النكرة أن فيها معنى الدعاء.
(54/ 30)

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير