وقوله تعالى:?والصَّلاَةِ الْوُسْطَى ?. قال علي بن أبي طالب وغيره: هي صلاة العصر. وفي الصحيحين: إن النبي r قال يوم الخندق: «شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر».
وقوله تعالى: ?وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ ?. قال الشعبي وغيره: مطيعين. وعن زيد بن أرقم قال: (إنا كنا لنتكلم في الصلاة على عهد النبي r ، يكلم أحدنا صاحبه بحاجته، حتى نزل: ? حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ ?، فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام). متفق عليه.
وقال مجاهد: ? وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ ?، فمن القنوت طول الركوع، وغض البصر، وخفض الجناح، والخشوع من رهبة الله. كان العلماء إذا قام أحدهم يصلي يهاب الرحمن أن يلتفت أو أن يقلب الحصى، أو يعبث بشيء، أو يحدث نفسه بشيء من أمر الدنيا إلا ناسيًا.
وقوله تعالى: ?فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً ?، قال إبراهيم: عند المطاردة يصلي حيث كان وجهه راكبًا أو راجلاً، ويجعل السجود أخفض من الركوع، ويصلي ركعتين يومئ إيماء. وقال قتادة أحل الله لك إذا كنت خائفًا عند القتال، أن تصلي وأنت راكب، وأن تسعى تومئ برأسك من حيث كان وجهك، إن قدرت على ركعتين وإلا فواحدة.
وقوله تعالى: ?فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ ?، كقوله تعالى: ? فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً ?، وقال ابن زيد في قوله: ? فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ ?، قال: فإذا أمنتم فصلوا الصلاة كما افترض الله عليكم، إذا جاء الخوف كانت لهم رخصة.
قوله عز وجل: ? وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِم مَّتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِيَ أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (240) ?.
قال قتادة: كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها كان لها السكنى والنفقة حولاً في مال زوجها ما لم تخرج، ثم نسخ ذلك بعد في سورة النساء فجعل لها فريضة معلومة الثمن إن كان له ولد، والربع إن لم يكن له ولد، وعدتها أربعة أشهر وعشر. فقال تعالى ذكره: ? وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ?، فنسخت هذه الآية ما كان قبلها في أمر الحول.
وقوله تعالى: ?فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ?، يا أولياء الميت ? فِي مَا فَعَلْنَ فِيَ أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ ?، يعني: التزين للنكاح، خيّرها الله تعالى بين أن تقيم حولاً ولها النفقة والسكنى، وبين أن تخرج، فلا نفقة ولا سكنى، إلى أن نسخه بأربعة أشهر وعشر.
وقوله تعالى: ?وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ?، أي: عزيز في انتقامه ممن خالف أمره ونهيه وتعدى حدوده من الرجال والنساء، حكيم في أقضيته وقدره.
قوله عز وجل: ? وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ (241) كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (242) ?.
قال عطاء في قوله: ? وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ ? قال: المرأة الثيب يمتعها زوجها إذا جامعها بالمعروف. وقال سعيد بن جبير: لكل مطلقة متاع بالمعروف حقًا على المتقين.
وقال البغوي: إنما أعاد ذكر المتعة ها هنا لزيادة معنى، وذلك أن في غيرها بيان حكم الممسوسة، وفي هذه الآية بيان حكم جميع المطلقات في المتعة.
وقوله تعالى: ?كَذَلِكَ ?، أي: مثل أحكام الطلاق والعدة وغير ذلك ? يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ ?، في إحلاله وتحريمه، ? لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ? تفهمون وتدّبرون. والله أعلم.
* * *
¥