تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال ابن كثير: يخبر تعالى عن تعنت الكفار من مشركي قريش، الجاحدين الحق، المعرضين عنه، أنهم إذا قرأ عليهم الرسول ? كتاب الله وحجته الواضحة قالوا له: ? ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا ?، أي: ردّ هذا وجئنا بغيره من نمط آخر ? أَوْ بَدِّلْهُ ? إلى وضع آخر. قال الله تعالى لنبيه ?: ? قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي ?، أي: ليس هذا إليّ إنما أنا عبد مأمور، ورسول مبلّغ عن الله: ? إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ?. ثم قال محتجًّا عليهم في صحة ما جاءهم به: ? قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ ?، أي: هذا إنما جئتكم به عن إذن الله لي في ذلك ومشيئته وإرادته، والدليل على أني لست أتقوّله من عندي ولا افتريته، أنكم عاجزون عن معارضته، وأنكم تعلمون صدقي وأمانتي منذ نشأت بينكم إلى حين بعثني الله عز وجل، لا تنتقدون عليّ شيئًا تغمصونني به، ولهذا قال: ? فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ ?. انتهى.

وقوله تعالى: ? فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ ?، يقول تعالى: لا أحد أظلم ولا أشدّ جرمًا ممن تقولّ على الله وزعم أن الله أرسله وهو كاذب، كما قال تعالى: ? وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللّهُ ? وكذلك لا أحد أظلم ممن كذب بالحق الذي جاءت به الرسل، كما قال تعالى: ? فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ ?. والله أعلم.

قوله عز وجل: ? وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (18) وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُواْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19) وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ فَانْتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ (20) ?.

ينكر تعالى على المشركين عبادتهم غيره من الأصنام والأوثان، ? مَا لاَ يَضُرُّهُمْ ? إن تركوا عبادته ? وَلاَ يَنفَعُهُمْ ? إن عبدوه، ? وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ ? أتخبرون ? اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ ?.

قال البغوي: ومعنى الآية أتخبرون الله أن له شريكًا، وعنده شفيعًا بغير إذنه، ولا يعلم الله لنفسه شريكًا في السماوات ولا في الأرض، سبحانه وتعالى عما يشركون. وقال ابن عباس: كان بين آدم ونوح عشرة قرون، كلهم على الإسلام، ثم وقع الاختلاف بين الناس، فبعث لله الرسل مبشرين ومنذرين.

وقوله تعالى: ? وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ ?، أي: بأن جعل لكل أمة أجلاً معينًا ? لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ? عاجلاً فيما فيه يختلفون، ? وَيَقُولُونَ ?، أي: مشركوا أهل مكة ? لَوْلاَ ?، أي: هلا ? أُنزِلَ عَلَيْهِ ?، أي: على محمد ? آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ ? على ما يقترحونه كقولهم: ? لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعاً ? ونحو ذلك، ? فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ ?، أي: ما تطلبونه غيب، وهو القادر عليه، ? فَانْتَظِرُواْ ? قضاء الله بيني وبينكم، ? إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ ?.

http://dc261.4shared.com/img/345957922/9acb63a8/211.png?sizeM=7

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير