تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو جهاد الأنصاري]ــــــــ[06 - 06 - 10, 01:14 م]ـ

كل سورة من سور القرآن الكريم تعبر عن وحدة مستقلة بذاتها، ويكون فيها فكرة تقوم بتبليغها وتدو رحولها. كما يكون لكل سورة علاقة بما قبلها وما بعدها من السور الموجودة فى المصحف الشريف.

وسورة الكوثر التى نحن بصدد دراستها لها موضوع تقوم بتبليغه ألا وهو الانتصار للنبي صلى الله عليه وسلم.

وهى سورة العطاء (إنا أعطيناك الكوثر) ولكن نلاحظ أنها ليست هى السورة الوحيدة التى كانت تتحدث عن هذا العطاء وتبشر به.

فقد ذكر الوعد بالعطاء فى سور أخرى مها سورة القلم حيث يقول تعالى: (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3)) [القلم]

ويقول أيضاً فى سورة الضحى: (وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)) [الضحى]

وفى سورة الكوثر يقول: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)) [الكوثر].

وإذا تدبرنا هذه الآيات الثلاثة وسورها نجد إشارات عالية جداً:

أولاً: ترتيب هذه السور فى المصحف هو نفس ترتيبها فى النزول: القلم ثم الضحى ثم الكوثر.

ثانياً: أن ترتيب العطاء فى السور الثلاثة يتوافق مع ترتيب السور.

ففى سورة القلم يقول ربنا: (وإن لك لأجراً غير ممنون) ثم فى سورة الضحى يقول: (ولسوف يعطيك ربك فترضى) ثم فى سورة الكوثر يقول: (إنا أعطيناك الكوثر).

ولنسق مثالاً من واقعنا لنفهم هذا الكلام.

عندما يقوم أحد الأغنياء باستعمال أو استئجار أحد العمال ليعمل عنده فإنه يقول له: سوف يكون لك (أجراً) كبيراً. وهذا يتشابه مع قوله تعالى: (وإن لك لأجراً غير ممنون) فالأجر هناك غير معرف.

وبعد أن يعمل عنده ويعجب صاحب العمل عمله، فتشجيعاً له يبشره بقوله: سوف أعطيك أجراً ترض ى عنه وتقر به عينك. وهذا شبيه بقوله تعالى: (ولسوف يعطيك ربك فترضى) وهنا أصبحت السورة أقرب للذهن عن هذا العطاء العظيم.

وبعد أن يفرغ من العمل الذى أداه على أكمل وجه يقول له سيده: إليك الأجر الذى وعدتك به ها هو. وهذا شبيه بقوله تعالى: (إنا أعطيناك الكوثر) حيث تصبح عملية العطاء رأى عين ومشاهدة.

ونلاحظ ملمحاً مهماً هنا وهو أن القرآن الكريم كان ينزل مفرقاً على مدار ثلاثة وعشرين عاماً فىمناسبات عدة وأحداث متفرقة، ولكنه عندما جمع بعدما اكتمل نزول الوحى أصبح يمثل هذه التكاملية العجيبة والجميلة والمعجزة. بل أصبح يعبر عن منظومةمعرفية متكاملة ومتوافقة ومنسجمة.

===========

ونظرة أخرى لهذه السور التى نتحدث عنها: القلم - الضحى - الكوثر. سنجد إشارات جميلة جداً تتعلق بموضوع هذه السورة (الكوثر) ألا وهو الانتصار للنبى صلى الله عليه وسلم.

1 - سورة القلم مكونة من (52) آية.

2 - سورة الضحى مكونة من (11) آية.

3 - سورة الكوثر (3) آيات.

ولنتأمل مجموع آيات سورة القلم وسورة الضحى: 52 + 11 = 63 عاماً

وكأن المعنى المراد الإشارة إليه هو أن الله لن يعطى النبى هذه العطية ألا وهى نهر الكوثر إلا بعد انقضاء أجل النبى والذى بلغه بعد ثلاث وستين سنة. فجاءت سورة الكوثر بعد هاتين الآيتين البالغ مجموع آياتهما = 63 آية. فتأمل.

كما أن رقم (3) وهو عدد آيات سورة الكوثر، يعبر عن أمور تتعلق بحياة النبى صلى الله عليه وسلم.

منها أنها قد تمثل ثلاث مراحل: الأولى حياته قبل البعثة وحياته بعد البعثة فى مكة ثم حياته بعد الهجرة فى المدينة.

كما يمكن أن تشير إلى: مرحلة العبودية (أى قبل البعثة)، ومرحلة النبوة (منذ نزول سورة اقرأ وحتى نزول سورة المدثر)، ومرحلة الرسالة (من أول نزول سورة المدثر ثم بداية الرسالة).

والله أعلم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير