تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[27 - 05 - 2008, 05:34 م]ـ

من أحسن الاعتذار؛ قول أبي تمام:

قال محمود الوراق:

كنت جالساً بطرف الحير حير سر من رأى، ومعي جماعة لننظر إلى الخيل، فمر بنا أبو تمام فجلس إلينا، فقال له رجل منا: يا أبا نمام، أي رجلٍ أنت لو لم تكن من اليمن؟ قال له أبو تمام: ما أحب أني بغير الموضع الذي اختاره الله لي، فممن تحب أن أكون!؟ قال من مضر.

فقال أبو تمام إنما شرفت مضر بالنبي صلى الله عليه وسلم ولولا ذلك ما قيسوا بملوكنا وفينا كذا وفينا كذا، ففخر وذكر أشياء عاب بها نفراً من مضر، قال: ونمي الخبر إلى ابن أبي دؤاد، وزادوا عليه، فقال: ما أحب أن يدخل إلى أبو تمام، فليحجب عني، فقال يعتذر إليه ويمدحه:

سَعِدتْ غُرْبةُ النَّوى بسُعَادِ = فَهْيَ طَوعُ الإِتْهَامِ والإنْجادِ

شابَ رأسِي وما رأيتُ مَشيبَ الرَّ = أُسِ إلاَّ من فَضْلِ شَيْبِ الفُؤادِ

وكذاكَ القُلوبُ في كلِّ بؤْسٍ = ونَعيمٍ طلائعُ الأَجْسادِ

طال إِنكاريَ البيَاضَ وإنْ عُمْى = مِرتُ شيئاً أَنْكَرتُ لَوْنَ السَّوادِ

يا أَبا عبد الله أَوْرَيتْ زَنْداً = في يَدِي كَانَ دَائِمَ الإِصْلادِ

أنتَ جُبْتَ الظَّلاَمَ عن سُبُلِ الْ = آمَالِ إذْ ضَلَّ كلُّ هَادٍ وحَادي

وضِيَاءُ الآمَالِ أَفْسَحُ في الطّرْ = فِ وَفيِ القَلْبِ مِنْ ضِيَاء البِلاَدِ

ثم وصفَ قوماً لزموا ابن أبي دؤاد، وأنه أحظ به مع ذاك منهم، فقال:

لَزِمُوا مَرْكزَ النَّدَى وذَرَاهُ = وعَدَتْنا عَنْ مِثلِ ذاكَ العَوادي

غيرَ أنَّ الرُّبَى إلى سَبَلِ الأَنْ = وَاءِ أَدْنَى والحظُّ حظُّ الوِهَاد

بَعْدَ ما أَصْلَتِ الوُشَاةُ سُيوفاً = قَطَعَتْ فيَّ وهْيّ غَيرُ حِدَاد

مِنْ أَحاديثَ حِينَ دَوَّخْتَها بالرَّ = أيِ كانتْ ضَعيفَةَ الإِسْنَاد

فنَفَى عَنْكَ زُخْرفَ القَوْلِ سَمْعٌ = لم يكُنْ فُرصَةً لِغيرِ السَّدَاد

ضَرَبَ الحِلْمُ والوَقَارُ عَليْه = دُونَ عُورِ الكَلامِ بالأَسْداد

وحَوَانٍ أَبَتْ عليْها المعَاليِ = أَنْ تُسْمَّى مَطِيَّةَ الأَحْقَاد

وقد أفصح عما قرف به، واعتذر منه إلى ابن دؤاد، فقال وهو عندي من أحسن

الاعتذار:

سَقَى عَهْدَ الحِمى سَبَلُ العِهَادِ = ورَوَّضَ حَاضِرٌ مِنْه وَبادِي

ثم قال:

وَإنْ يَكْ مِنْ بَنِي أُدَدٍ جَنَاحي = فإنَّ أَثيِثَ رِيشيِ في إِيَادِ

لَهُمْ جَهْلُ السِّبَاعِ إذَا المنَايا = تَمَشَّتْ في القَنَا وَحُلُومُ عَاد

لَقدْ أَنْسَتْ مَساوِئَ كلِّ دهْرٍ = مَحاسِنُ أَحْمدَ بن أَبي دُؤَاد

مَتَى تَحْلُلْ بِهِ تَحْلُلْ جنَاباً = رَضِيعاً لِلسَّوَاري والغَوادي

فما سَافَرْتُ في الآفَاقِ إلاّ = وَمِنْ جَدْوَاكَ رَاحِلتَي وَزَادي

مقيمِ الظَّنِّ عِندَكَ والأمانِي = وَإنْ قلقِتْ رِكاَبي في البِلاَدِ

ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[27 - 05 - 2008, 05:36 م]ـ

وهذا من قول أبي نواس:

وَإنْ جَرَتِ الأَلفَاظُ يوماً بِمِدْحَةٍ = لغْيِركَ إنْسَاناً فأَنتَ الذي نَعْني

مَعَادُ البْعثِ مَعْروُفٌ وَلكنْ = نَدَى كفَّيْكَ في الدُّنْيَا مَعَادِي

أَتَانِي عَائِرُ الأنْبَاءِ تَسْرِي = عَقَارِبُهُ بِدَاهِيَةٍ نَآدِ

بِأَنِّي نِلْتُ مِنْ مُضَرٍ وَخَبَّتْ = إلَيْكَ شَكَّيِتِي خَبَبَ الجَوَادِ

لقد جَازَيتُ بالإحْسَانِ سُوءًا = إِذَنْ وَصَبَغْتُ عُرْفَكَ بالسَّوَادِ

وَسِرْتُ أَسُوقُ عِيرَ اللُّؤْمِ حَتى = أَنَخْتُ الكُفْرَ فيِ دَارِ الجِهَادِ

وَلَيْسَتْ رُعْوَتِي مِنْ فوْقِ مَذْقٍ = وَلاَ جَمْرِي كمِينٌ في الرَّمَادِ

تَثَبَّتْ، إِنَّ قَوْلاً كانَ زُوراً = أَتَى النُّعْمَانَ قَبْلَكَ عَنْ زِيَادِ

إلَيْكَ بَعَثتُ أَبْكَارَ المَعَانيِ = يَلِيهَا سَائِقٌ عَجِلٌ وَحَادِي

يُذَلّلُها بِذِكرِكَ قِرْنُ فكْرٍ = إذَا حَرَنتْ فتَسْلَسُ في الْقِيَادِ

مُنَزَّهَةُ عَنِ السَّرَقِ المُوَرَّي = مُكَرَّمَةً عَنِ المعْنى المُعَادِ

تَنَصَّلَ رَبُّهَا مِنْ غَيْرِ جُرْمٍ = إلَيْكَ سِوَى النّصِيحَةِ وَالوِدادِ

وَمَنْ يَأذَنْ إلى الوَاشِينَ تُسْلَقْ = مَسَامِعُهُ بأَلْسِنَةٍ حِدَادِ

ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[27 - 05 - 2008, 05:47 م]ـ

قال أبو بكر الصولي؛ في أخبار أبي تمام:

وطال غضب ابن أبي دؤادٍ عليه، فما رضى عنه حتى شفع فيه خالد بن يزيد الشيباني، فعمل قصيدةً يمدح ابن أبي دؤاد، ويذكر شفاعة خالد بن يزيد إليه، وأغمض مواضع منها في اعتذاره فما فسرها أحد قط، وإنما سنح لي استخراجها لحفظي للأخبار التي أومأ إليها، فأما من لا يحفظ الأخبار؛

فإنها لا تقع له، وأولها:

أَرَأََيْتَ أَيُّ سَوالِفٍ وَخُدُودِ عَنَّتْ لَنا بينَ الِّلوَى فَزَرُود؟

فقال فيها:

فاسْمَعْ مقالة زائرٍ لم تَشْتَبهْ = أرْآؤُهُ عِنْدَ اشْتِباهِ البيدِ

أَسْرَى طَرِيداً لِلْحَيَاءِ مِنَ التَّي = زَعَمُوا، ولَيْسَ لِرَهْبَةٍ بِطَريِدِ

كُنتَ الرَبيعَ أَمامَهُ وَوَراءَهُ = قَمَرُ القَبائِلِ خالِدُ بن يَزيدِ

فَالغَيْثُ مِنْ زُهُرٍ سَحابةُ رَأفةٍ = وَالرُّكْنُ مِنْ شَيْبَانَ طَوْدُ حَديِد

زهر والحذاق قبيلتان من إيادٍ رهط ابن أبي دؤاد.

وَغَداً تَبَيَّنُ مَا بَرَاءَةُ سَاحَتِي = لَوْ قدْ نَفَضْتَ تَهائِمي ونُجَودِي

هذَا الْوَليدُ رَأَى التَثَبُّتَ بَعْدَمَا = قَالوا يَزيِدُ بنُ المُهَلَّبِ مُودِي

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير